أمّا الأقرب فهو حمله على ما أحرز فيه المقتضي للبقاء وشكّ في تحقّق الرافع كالوضوء إذا شكّ في حدوث النوم.
وأمّا الأبعد فهو رفع اليد عن مطلق الشيء وإن شكّ في أصل اقتضائه للبقاءه مع غض النظر عن الرافع.
وبما أنّ المعنى الأوّل أقرب إلى الحقيقة فيتعيـّن هو دون المعنى الثاني الذي هو أبعد ، وقد قيل : « إذا تعذّرت الحقيقة فأقرب المجازات أولى ».
الوجه الثاني : الاستدلال من جانب الهيئة ، وهو أنّ النهي عن نقض اليقين بالشك تكليف بالمحال لانتقاض اليقين بحدوث الشكّ فلاتصل النوبة إلى النقض ، لانتقاضه قبلاً ، وإن لم يرده المكلف ، فعلى ذلك لابدّ أن نقول بأنّ اليقين في الروايات بمعنى المتيقّن أي لاتنقض المتيقّن بالشك ، سواء كان المتيقّن هو الحكم الشرعي ، كما إذا كان المستصحب حكماً كذلك ، أو موضوعاً ذا حكم شرعي كما إذا كان المستصحب من الموضوعات الخارجية ذات الآثار.
فإذا كان المنهي عنه هو نقض المتيقن بما أنه أثر شرعي أو له أثر شرعي فالأقرب إلى المعنى الحقيقي هو المتيقّن الذي أحرز وجود المقتضي فيه وشكّ في الرافع ، لا ما إذا كان أصل الاقتضاء مشكوكاً مع غض النظر عن الرافع ، وبذلك يكون النقض بمادته وهيئته قرينة على تحريم نقض ما يكون ذا اقتضاء ، كالطهارة وحياة زيد. (١)
يلاحظ على الوجه الأوّل : بأنّه لا دليل على أنّ النقض حقيقة في رفع الهيئة الاتصالية الحسية ، بل هو حقيقة في رفع الأمر المبرم والمستحكم ، سواء أكان أمراً
__________________
١. فرائد الأُصول : ٣٣٦ ، بتقرير منّا.