ولعلّ القوم زعموا انّ الاستصحاب بنفسه كاف في ترتب الأثر الشرعي ، فحاولوا إبداء الفرق بينه وبين غيره بالوجوه التي عرفت ضعفها ، وأمّا على ما قلنا من أنّ دور الاستصحاب إحراز الموضوع فقط ، وأمّا ترتّب الأثر فهو رهن الدليل الاجتهادي الذي يكون المستصحب المحرز موضوعاً ، فيظهر الفرق بين الأثر الشرعي وغيره
وبذلك يظهر أنّه إذا كان الأثر الأوّل موضوعاً لدليل اجتهادي ثان يترتب عليه أثر ذلك الدليل أيضاً وهكذا.
مثلاً : إذا كانت عدالة زيد مستصحبة ، وشهد ـ مع شاهد آخر ـ برؤية هلال رمضان قبل ثلاثين يوماً يكون المستصحب صغرى لكبرى شرعية ، وهي « إذا شهد عند الإمام شاهدان [ عادلان ] انّهما رأيا الهلال منذ ثلاثين ، أمر الإمام بإفطار ذلك اليوم ». (١) فتكون النتيجة كون اليوم يوم الفطر ، فيترتب عليه شرعية صلاة العيدين لقوله عليهالسلام : « صلاة العيدين فريضة » (٢) ، أو لزوم دفع الفطرة لقوله : « إعطاء الفطرة قبل الصلاة أفضل ». (٣)
المقام الثالث : الفرق بين الأُصول والأمارات
ذهب المشهور إلى أنّ مثبتات الأمارات حجّة دون الأُصول ، ووقع الكلام في وجه الفرق ، نشير إليه :
الوجه الأوّل : ما أفاده المحقّق الخراساني : انّ الأمارة كما تحكي عن المؤدى و
__________________
١. الوسائل : ٧ ، الباب ٦ ، من أبواب أحكام شهر رمضان ، الحديث ١.
٢. الوسائل : الجزء ٥ ، الباب ١ من أبواب صلاة العيدين ، الحديث ١.
٣. الوسائل : الجزء ٦ ، الباب ١٢ من أبواب زكاة الفطرة ، الحديث ١.