فهو بما انّه جلوس وأنّه من مصاديق مطلق الجلوس وأفراده ، محكوم بالوجوب ، وبما انّ جلوسه مقيّد ، محكوم بعدمه ، وهذا بمكان من الإمكان ، بل لا مانع من حصول القطع بذينك الحكمين فلاغرو في أن نقطع بوجوب الجلوس بعد الزوال بما هو جلوس ، وبعدمه بما انّه جلوس مقيد. (١) وقد اختاره السيد الأُستاذ.
وحاصل كلامهما يرجع إلى اختلاف الحيثيتين ، فمن حيثية يحمل عليه بالوجوب ، ومن حيثية أُخرى يحمل عليه بعدمه ، فلاتعارض في مقام الجعل ، لكن يبقي الكلام في مقام الامتثال.
فهل يصح للعبد أن يترك الجلوس بعد الزوال محتجّاً باستصحاب عدم الوجوب؟
الظاهر : لا ، وذلك لعدم التزاحم في مقام الامتثال ، فانّ عدم الوجوب لحيثية لاينافي الوجوب من حيثية أُخرى ، فليس هناك أيّ تزاحم بين الحكمين في مقام الامتثال ، فللمولى أن يحتج على العبد بالاستصحاب الوجودي.
نظرية المحقّق النائيني بثوبها الجديد
وهذا القول يُشاطر القول الثالث ، أعني : قول المحقّق النائيني ، في اختصاص المقام بالاستصحاب الوجودي دون العدمي ، ولكن يختلف معه في الدليل.
وحاصل دليل هذا القول ، هو : انّ أدلّة الاستصحاب لاتشمل استصحاب العدم الأزلي ، ولايعدُّ عدمُ الاعتداد بهذا النوع من اليقين نقضاً له ، وذلك لأنّ الظاهر من الأدلّة هو الأمر بحفظ اليقين في الأُمور التي لها مساس بالحياة العملية
__________________
١. درر الفوائد : ٢ / ١٥٩.