أ. إذا دار الأمر بين تخصيص العام وتقييد المطلق
إذا قال المولى : أكرم العلماء ، ثمّ قال : لاتكرم الفاسق ، فدار أمر العالم الفاسق بين دخوله تحت الحكم الأوّل أو الثاني ، فعلى تقديم العام على المطلق يلزم التقييد في جانب الثاني ، فيكون المراد لاتكرم الفاسق غير العالم ، وعلى العكس يلزم التخصيص في العموم ، فهل يقدّم تقييد المطلق على تخصيص العام أو لا؟
فقد اختار الشيخ الأعظم تقديم العام على المطلق ولزوم التصرّف في الثاني دون الأوّل ، وقال ما هذا توضيحه ببيانين :
الأوّل : انّ المختار في باب المطلق انّه موضوع للماهية المهملة ، لا الماهية المنتشرة ، فلو قدّمنا العام على المطلق لايلزم التصرّف في جانب المطلق ، لأنّ الماهية المهملة تتحقّق في ضمن فرد ما ، وهو الفاسق الجاهل ، وهذا بخلاف ما لو قدمنا المطلق على العام ، فالعام بما انّه يدل على الانتشار فإخراج صنف منه وهو العالم الفاسق يستلزم التصرّف في جانب العام ويجعله مجازاً.
يلاحظ عليه : أنّ التصرف في أيّ واحد من العام والخاص لايستلزم المجازيّة ، أمّا المطلق فلما بيّن من أنّه موضوع للماهية المهملة ، فتقييده لايخرجه عن معناه. وأمّا العام فلما مرّ في مبحث العام والخاص من أنّ العام يستعمل بالإرادة الاستعمالية في معناه العام. والتخصيص إنّما يوجب التضييق في الإرادة الجدّية.
وبكلمة موجزة ، انّ كلاً من العام والمطلق مستعمل في معناه اللغوي ، وإنّما يشار إلى التخصيص والتقييد بدليل آخر لا انّ العام أو المطلق مستعملان من أوّل الأمر في المخصَّص والمقيَّد ، وعلى ذلك فلا فرق بين تقديم العام على المطلق ،