الأمر الثامن
أصالة الصحّة أمارة أو أصل
إنّ القضاء الباتّ في المقام يتوقف على دراسة أدلّة أصالة الصحّة ، فانّ مفادها يختلف حسب اختلاف أدلّتها ، وذلك :
فإن قلنا بحجيّتها من باب دفع العسر والحرج ولغاية حفظ النظام ، تُصبح أصالة الصحّة أصلاً من الأُصول.
وأمّا لو قلنا بحجيتها من باب السيرة المستمرّة بين العقلاء المستندة إلى أصل ، وهو انّ الإنسان العاقل المريد لغاية دنيوية أو دينية لايقوم إلاّ بالعمل الصحيح لا الفاسد ، فتصبح أصالة الصحة أمارة من الأمارات ، فيكون قيام الفاعل المريد للعمل لأجل غرض ، طريقاً إلى استكشاف صحته ، وإلى ذلك الوجه يرجع ما قلنا من أنّ طبع العمل يقتضي أن يكون صحيحاً ، وذلك لأنّ اقتضاء طبع العمل ، الصحةَ رهن إرادة الفاعل المريد لغاية خاصة.
ولكن لاتترتب على ذلك ثمرة عملية ، وما ربّما يتوهّم من أنّ ثمرة البحث هو حجّية مثبتاتها على الأمارية دون الأصل ، غير تامّ. إذ لم يدلّ دليل على حجّية مثبتات الأمارات على الإطلاق إلاّ البيّنة وخبر الواحد ، وفي غير هذين الموردين لم يدلّ دليل على التعبُّد بلوازمها العرفية أو العقلية.
مثلاً لو شككنا في أنّ الشراء الصادر من الغير كان ممّا لايملك أو ممّا يملكه من الدرهم المعين ، فأصالة الصحّة لاتثبت خروج الدرهم من ملكه.