الأمر السادس عشر
في تقدّم القاعدة على الاستصحاب
لا شكّ في تقدّم قاعدة التجاوز ، على الاستصحاب بشهادة انّ الإمام قدّمها عليها في صحيحتي زرارة (١) وإسماعيل بن جابر. (٢) لأنّ الأصل انّ المصلّي لم يؤذن ، ولم يُقم ولم يركع ولم يسجد ، مع أنّ الإمام أمر بعدم الاعتداد بالشكّ.
إنّما الكلام في وجه تقدّمهاعليه ، وقد ذكر في ذلك وجوه :
١. رائحة الأمارية في القاعدة ، لكونه حين العمل أذكر. (٣) أو أقرب إلى الحقّ. (٤) من زمان الشكّ ، وفي رواية عبد الرحمان بن أبي عبد اللّه (٥) الإخبار عن تحقّق المشكوك حيث سئل أبا عبد اللّه عليهالسلام عمّن أهوى إلى السجود ولم يدر أركع أو لا؟ قال : « قد ركع » فانّ الإخبار عن تحقّق المشكوك آية انّ القاعدة طريق إلى إحراز الواقع ولا دليل له سوى كونه بصدد إبراء الذمّة ، وكأنّ أصالة عدم طروء الغفلة أمارة عقلائية إلى تحقّق الواقع.
٢. لولا تقديم القاعدة على الاستصحاب تلزم لغوية القاعدة أو اختصاصها بموارد نادرة ، وذلك لأنّ الحالة السابقة إمّا هي الصحّة أو الفساد أو مجهولة لأجل تعاقب الحالتين ، كما إذا توضّأ وأحدث ولم يعلم المتقدّم منهما ولا المتأخّر ، ولم تكن الحالة المتقدّمة عليهما معلومة.
فالقاعدة في الصورة الأُولى غير محتاجة إليها ، لأنّ المفروض انّ الحالة
__________________
١ و ٢. تقدّم الجميع برقم ١١ و ١٢.
٣ و ٤ و ٥. تقدّم الجميع برقم ٢ و ١٣ و ١٦.