العدم بعد الزوال كالوجود المقيّد به ، ويكون قوامه وتحقّقه بعد الزوال ، ولايكون له تحقّق قبل الزوال فلايمكن استصحاب العدم بعد الزوال إلاّ إذا آن وقت الزوال ، ومن المعلوم ليست لهذا العدم المقيد حالة سابقة آن وقت الزوال.
فتكون النتيجة ، أنّ العدم المطلق وإن كان ذا حالة سابقة ، لكنّه انتقض بوجوب الجلوس إلى الزوال ، وأمّا العدم المضاف إلى الزوال الذي لايتحقّق إلاّ بتحقّق الزوال فليس له حالة سابقة إلاّ بنحو السالبة بانتفاء الموضوع. (١)
يلاحظ عليه : أنّ حدوث كلّ فرد مسبوق بعدم نفسه ، فكما أنّ وجوب الجلوس إلى الزوال كان مسبوقاً بعدم نفسه ، فهكذا وجوب الجلوس بعد الزوال مسبوق بعدم نفسه ، بشهادة أنّه حادث ، وكلّ حادث مسبوق بالعدم ، وعلى ذلك يكون عدمه نفس العدم الأزلي.
وما ذكره من أنّ هذا العدم إنّما يتحقّق عند الزوال ، فهو خلط بين العدم المضاف إلى « الزوال » والعدم المقيّد بالزوال ، فالأوّل مضاف إلى المعدوم وهو عدم أزلي سابق ، والثاني أي ما يكون العدم مقيّداً بالزوال فهو عدم مقارن مع الزوال وليس أزلياً.
فالأوّل منه متحقّق قبل الزوال مع إضافة العدم إليه ، بخلاف الثاني فانّه يتوقف على حلول الزوال.
نظرية النراقي بثوبها الجديد
ثمّ إنّ المحقق الخوئي أحيا نظرية المحقّق النراقي ببيان آخر ، وحاصله : أنّ للأحكام مرحلتين :
____________
١. فوائد الأُصول : ٤ / ٤٤٥ ـ ٤٤٦.