الكلّي ، أو المخالفة على نحو العموم والخصوص المطلق؟ الظاهر هو الثاني ، لصدور الخبر المخالف على النحو الثاني عنهم عليهمالسلام في مختلف الأبواب ، فانّ دور الخبر الواحد غالباً هو تقييد المطلقات أو تخصيص العمومات. والخبر المخالف على نحو التباين الكلي قليل في الأحكام جداً ولكنّه في مجال العقائد والمعارف غير عزيز ، كما هو الحال في مجال الرؤية والقضاء والقدر ومقامات الأنبياء والأولياء من روايات الغلوّ.
٤. الترجيح بمخالفة العامّة
تضافرت الروايات على أنّه إذا اختلفت الأخبار ، يُقدَّم ما خالف العامة ، وما ذلك إلاّ لأنّ الظروف القاسية دفعت بالأئمة إلى الإفتاء وفقَ مذاهبهم صيانة لدمائهم وصيانة نفوس شيعتهم ، ولذلك جعل ما يشبه قولهم ممّا فيه التقية. (١) وإليك نقل ما ورد في هذا المجال :
١. ما رواه عمر بن حنظلة ، عن أبي عبد اللّه عليهالسلام في مقبولته : جعلت فداك أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنّة ووجدنا أحد الخبرين موافقاً للعامة والآخر مخالفاً لهم بأي الخبرين يؤخذ؟
قال : « ما خالف العامة ففيه الرَّشاد ».
فقلت : جعلت فداك فإن وافقهما الخبران جميعاً؟
قال : « ينظر إلى ما هم إليه أميل ، حكّامهم وقضاتهم فيترك ويؤخذ بالآخر ». (٢)
__________________
١. الوسائل : الجزء ١٨ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٤٦.
٢. الكافي : ١ / ٦٨ ، باب اختلاف الحديث من كتاب فضل العلم ، الحديث ١٠.