هذه بعض ما ورد في الترجيح بمخالفة العامة ، ولو كان هناك مرجّح لتقديم إحدى الروايتين على الأُخرى فليس هو إلاّ هذا المرجّح ، وأمّا الباقي فقد عرفت أنّ الترجيح بصفات الراوي يرجع إلى ترجيح حكم أحد القاضيين على الآخر.
وأمّا الترجيح بالشهرة العملية أو موافقة الكتاب والسنّة ، فقد عرفت أنّها من قبيل تمييز الحجة عن اللا حجة ، وانّ لسان الروايات صريحة في ذلك ، فلم يبق فيما يمكن عدّه مرجِّحاً إلاّ مخالفة العامة.
ولكن في النفس من كونها من هذا الباب أيضاً شيء ، لأنّ المتبادر أيضاً من لسان الروايات هو نفس ما يتبادر من المرجّحات الأُخرى فقوله : « ما خالف العامة ففيه الرشاد » معناه انّ ما وافقهم ففيه الضلال ، ويقرب منه قوله : « فما وافق أخبارهم فذروه » أو « فدعوه » وهذه التعابير أنسب لتمييز الحجة عن اللا حجّة.
٥. الترجيح بالأحدثية
هناك روايات عديدة تدل على لزوم الأخذ بالأحدث من الحكمين ، وإليك بعض ما يدل عليه :
١. روى المعلّى بن خنيس ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليهالسلام : إذا جاء حديث عن أوّلكم وحديث عن آخركم بأيّهما نأخذ؟ فقال : « خذوا به حتى يبلغكم عن الحيّ ، فإن بلغكم عن الحيّ فخذوا بقوله ». (١)
ولكن هذا القسم لا صلة له بباب المرجّحات ، لأنّ الأخذ بالأحدث ليس
__________________
١. الوسائل : ١٨ / ٧٨ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٨ وانظر أيضاً الحديث ٩ و ١٧ من نفس الباب.