المقام الخامس في التطبيقات
أفتى الفقهاء في موارد بأحكام لاتصحّ إلاّ على القول بالأصل المثبت ، ولعلّ منشأ الإفتاء كون الاستصحاب عندهم حجّة ظنية كسائر الأمارات ، والظن بالشيء ظنّ بآثاره فرتبوا عليه كلّ الآثار الشرعية وغيرها ، وإليك بعضها :
الأوّل : إذا شكّ في وجود المانع عن وصول الماء إلى البشرة حين الاغتسال ، صحّ غسله ، لأنّ الأصل عدم المانع والحاجب من وصوله إليها.
أقول : إنّ هنا أُموراً ثلاثة :
١. المستصحب : وهو عدم الحاجب ، ٢. ولازمه العقلي : غسل البشرة ٣. أثره الشرعي : أي رفع الحدث ، والثالث متفرع على لازم المستصحب لا على نفسه فرتبوا أثر اللازم على المستصحب ولذلك قلنا في محله يجب على الشاك حين الاغتسال ، الفحصُ عن المانع ، فهذا الأصل أي استصحاب عدم المانع عقيم على مذهب المشهور لأنّه مثبت ، كما هو كذلك على المختار في باب الأصل الموضوعي فقد مرّ انّه لا دور له إلاّ إحراز الصغرى ولاينتج إلاّ بضم الكبرى وهي مفقودة ، إذ لم يدل دليل على أنّه إذا لم يكن الحاجب موجوداً ، فالحدث مرتفع بل الموجود إذا غسلت البشرة بعامتها فهو مرتفع.
الثاني : لو اتّفق الوارثان على إسلام أحدهما المعين في أوّل شعبان والآخر في غرة رمضان ، ولكن اختلفا في موت المورِّث ، فادّعى الأوّل انّه توفّي في منتصف شعبان حتى لايرثه الوارث الثاني لأنّ الكافر لايرث المسلم ، وادّعى الآخر انّه توفّي في منتصف رمضان حتى يرثه ، فذهب المحقّق وجماعة قبله وبعده إلى أنّهما يرثان لأصالة حياة المورث إلى غرّة رمضان.