٧. التقية
إنّ من أحد الأسباب لطروء الاختلاف في الأخبار المروية عنهم هو إفتاء أئمّة أهل البيت عليهمالسلام على خلاف مذهبهم تقيّة من السلطان أوّلاً ، والقضاة الذين كان بيدهم الأُمور ثانياً ، وحفظ نفوس شيعتهم ثالثاً.
أمّا الأوّل والثاني فواضحان ، إنّما الكلام في الثالث وهو انّ الإفتاء على خلاف مذهبهم كان سبباً لحفظ الشيعة ، فبيانه :
إنّهم عليهمالسلام لو كانوا مفتين على وفق مذهبهم دائماً كان ذلك سبباً لانتشار مذهبهم بين الشيعة وعملهم على فُتياهم ، ولأضحى ذلك سمة مميّزة لهم وبالتالي مُثيراً لحفيظة الآخرين عليهم ، تعقبها مضاعفات أُخرى خطيرة.
روى الشيخ في التهذيب في الصحيح عن سالم بن أبي خديجة ، عن أبي عبد اللّه عليهالسلام قال : سأله إنسان وأنا حاضر ، فقال : ربما دخلت المسجد وبعض أصحابنا يصلُّون العصر ، وبعضهم يصلُّون الظهر؟ فقال : « أنا أمرتهم بهذا لو صلُّوا على وقت واحد عُرفوا فأُخذوا برقابهم ». (١)
ولأجل هذه الدواعي المختلفة كان أئمّة الشيعة تتقي بين الحين والآخر ، وبذلك اختلفت الأخبار المأثورة عنهم ، بما انّ بعضها إفتاء وفق الواقع ، والآخر إفتاء وفق مذهب الآخرين.
إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ إفتاء الأئمّة عليهمالسلام على وفق التقية كان أمراً ذائعاً ، ويدلّ على ذلك أُمور نذكر منها ما يلي :
الأوّل : انّ بعض الشيعة كانوا يكاتبون أئمتهم ويطلبون منهم الإفتاء وفق
__________________
١. الوسائل : ٣ ، الباب ٧ من أبواب المواقيت ، الحديث ٣.