الأمر التاسع
تقدّم أصالة الصحّة على استصحاب الفساد
إنّ أصالة الصحّة مقدّمة على الاستصحاب سواء أكانت أمارة أم أصلاً.
أمّا على القول بأنّها أمارة ، فلأنّها مزيلة للشك ; وأمّا على القول بأنّها أصل ، فللزوم اللغوية لو قُدِّم الاستصحابُ على أصالة الصحّة. لأنّ الأصل في العبادات والمعاملات هو الفساد ، وذلك انّ سبب الشكّ فيهما إذا كانت الشبهة موضوعيّة هو احتمال تخلّف شرط أو جزء عن المشروط والمركب ، والأصل عدم اقترانهما بالكلّ فتكون المعاملة محكومة بالفساد ، والعبادة محكومة بوجوب الإعادة وبقاء اشتغال الذمّة ، فلو قُدّم الاستصحاب على أصالة الصحّة يلزم أن لايكون لأصالة الصحّة دور في باب المعاملات والعبادات ، وهذا هو معنى لغويتها.
نعم لو كان الشكّ في الصحّة نابعاً عن احتمال اقتران المانع والقاطع ، فمقتضى الأصل وإن كان عدمهما وتكون النتيجة صحّةَ العبادة والمعاملة ، ولكن عند ذاك لاحاجة إلى أصالة الصحّة ، فتُصبح أصالة الصحّة أصلاً قليل الفائدة أو عادمها ، وذلك لأنّه بين مبتلى بمعارَض يقدّم عليه وبين خال عن المعارض لكن الفقيه في غنى عن مراجعتها.
ويؤيدما ذكرناه انّ سيرة العلماء والمتشرّعة على تقدّم أصالة الصحّة على الاستصحاب.