وقد أورد على استدلال الشيخ بوجهين :
الأوّل : انّ الذيل ورد في الصحيحة الأُولى لزرارة دون الثانية والثالثة ، والمحذور إنّما هو في الأُولى دون الأخيرتين.
يلاحظ عليه : أنّ المطلق يُقيّد ، والمجموع كسبيكة واحدة ، تشير إلى مفهوم واحد. وهو القضيتان المذكورتان.
الثاني : انّ ظاهر قوله : « بيقين آخر » هو وحدة متعلّقها ، حتى يكون اليقين الآخر مثل اليقين الأول ، فاليقين الأوّل تعلّق بواحد معين دون الثاني حيث تعلّق بأحدهما فلايكونان مماثلين من جميع الجهات.
يلاحظ عليه : بأنّه ليس في الصحيحة أثر من لفظ « المثل » وإنّما الوارد « بيقين آخر » ويكفي في صدقه اشتراكُهما في الإذعان والجزم وان تعلّق أحدهما بمعين والآخر بأحدهما لابعينه ، فكلام الشيخ لايخلو من جودة وإتقان.
أمّا التفصيل الثاني فهو للمحقّق الخراساني قائلاً بعدم جريانه فيما إذا استلزم المخالفة القطعية ، كما إذا كان الاناءان محكومين بالطهارة فعلم بنجاسة أحدهما ، فلايجري فيه لمحذور المخالفة القطعية كما في ارتكاب كلا الطرفين ، أو الاحتمالية كما في ارتكاب واحد منها.
وأمّا إذا لم يستلزم ، كما إذا كان الاناءان نجسين وعلم بوقوع نجاسة في واحد منهما ، فالمقتضي موجود ، وهو إطلاق الخطاب وشموله لأطراف المعلوم بالإجمال ؛ والمانع مفقود ، لأجل انّ جريان الاستصحاب في الأطراف لايوجب إلاّ المخالفة الالتزامية ، وهو ليس بمحذور لاشرعاً ولاعقلاً. (١)
__________________
١. كفاية الأُصول : ٢ / ٣٥٧ ـ ٣٥٨.