فإن قلت : إنّ هناك استصحاباً آخر لايمكن إنكاره ، مثلاً في المثال الثاني يعلم إجمالاً بوجود الحدث بعد السبب ، وإن لم يعلم أنّه من السبب الأوّل أو الثاني ، فيستصحب ، ومثله في الصورة الأُولى حرفاً بحرف.
قلت أولاً : إنّ هنا علماً بالسبب ، لاعلماً بالسبب المؤثر ، إذ لو كان السببان متعاقبين لما كان للسبب الثاني تأثير.
وثانياً : إنّ العلم الإجمالي ( العلم الإجمالي بالحدث بعد السبب الثاني ) ينحل إلى : علم تفصيلي وشك بدوي ، إذ الحدث الذي دلّ السبب على وجوده لو كان هو الحدث السابق فقد ارتفع قطعاً وحدوثه بعد الوضوء مشكوك فيه.
والقول بأنّه يعلم بوجود الحدث بعد السبب الثاني مرجعه إلى القول بأنّه يعلم بطروء الحدث إمّا قبل الوضوء أو بعده ، فلو طرأ قبله فقد ارتفع قطعاً ، ولو طرأ بعده يكون مؤثراً ولكنّه مشكوك جداً.
ونظير ذلك انّه لو رأى الجنب المغتسل عن جنابته ، أثرَ الجنابة في ثوبه ، فلايجب عليه الاغتسال وإن كان يعلم بحدوث الجنابة بعد هذا الأثر ، وذلك لأنّ الأثر الحاصل في ثوبه إن كان من الجنابة السابقة فقد ارتفع ، وإن كان من الجنابة الجديدة ، فهو وإن كان مؤثراً لكنّه مشكوك الحدوث ، فليس هناك علم بالجنابة الحادثة بعد ذلك الأثر.
الصورة الثانية : فيما إذا كانت الحالة السابقة معلومة ، وكان تاريخ أحدهما معلوماً ، فالأقوى أنّ حكمها حكم الصورة الأُولى على غرار ما ذكرنا من انحلال العلم الإجمالي ، مثلاً : إذا كان في أوّل النهار محدثاً وعلم بالطهارة في أوّل الظهر وعلم بالنوم امّا قبل الطهارة أو بعدها ، فبما أنّ العلم بالنوم ليس علماً بالسبب الفعلي بل اقصاه العلم بوجود الحدث بعده إمّا من السبب السابق أو منه نفسه ،