الحكم الشرعي أو عدمه فكلّ من وجود الحكم الشرعي وعدمه يصلح لأن يكون مستصحباً ، كما يصلح أن يكون أثراً مترتباً على الموضوع ، فكما أنّ نفس التكليف يقع مستصحباً أو أثراً مترتباً على المستصحب هكذا يكون عدم التكليف وعدم المنع من الفعل ، يقع مستصحباً وأثراً مترتباً على المستصحب وذلك لأنّ الحكم وجوداً وعدماً بيد الشارع.
ثمّ أشار إلى إشكال الشيخ على استصحاب البراءة عن التكليف ، وحاصل إشكاله عبارة عن : أنّ استصحابها إمّا أن يكون بلحاظ نفسه ، فالعدم ليس مما تقع عليه يد الجعل التشريعي ، وإمّا بلحاظ آثاره من الثواب والعقاب فهي من الآثار العقلية. (١)
وأجاب بوجهين :
الأوّل : انّا نختار الشقّ الأوّل ، وهو أنّ الاستصحاب بلحاظ نفسه ، وقد عرفت أنّ عدم المنع أيضاًحكم شرعي ولاحاجة في استصحاب الحكم الشرعي إلى ترتيب أثر آخر عليه حتى يقال انّ الثواب والعقاب من الأُمور التكوينية.
الثاني : انّا نختار الشق الثاني لكنّ الأثر العقلي أو العادي إنّما لايترتب إذا كان أثراً لوجود الشيء واقعاً أو لعدمه كذلك ، وأمّا الأثر المترتب على مطلق وجود الشيء أو عدمه ولو في الظاهر فيترتب عليه لكون الأثر لازم أعم وذلك كعدم العقاب فهو ليس من آثار عدم الحكم واقعاً ، بل يكفي في عدمه عدم الحكم ظاهراً لاستقلال العقل بقبح العقاب بلا بيان ، لأنّ وجود الحكم واقعاً ـ مع عدم وصوله ـ لايكفي في ترتب الأثر أي العقاب ، بل عدم وصوله كاف في عدم صحة العقاب سواء أكان الحكم موجوداً في
__________________
١. الفرائد : ٢٠٤ طبعة رحمة الله بعد الفراغ من دليل العقل على البراءة.