وأمّا الثاني : فالضابطة صحيحة ، ولكن الإشكال في الأمثلة فانّ ما مثل به لهذا القسم من قبيل المحمول بالضميمة وليس من المحمول بالصميمة ، لما تبيّن في محله من أنّ الميزان في الخارج المحمول هو ما يكون وضع الموضوع كافياً في وضع المحمول كالإنسان بالنسبة إلى الممكن ، وليس المقام كذلك ، إذ ليس فرض الموضوع في الخارج كالفرس كافياً في انتزاع الملكية أو الغصبية ما لم تنضم إليه حيثية عقلائية ، وهي دخول الشيء في حيازته أو خروجه منها مع استيلاء الغير عليه.
ومن هنا يعلم أنّ الزوجية والولاية من قبيل المحمول بالضميمة ، لأنّ فرض الإنسان لايلازم فرض الزوجية والولاية. ومنشأ الخلط انّ المحقق الخراساني جعل الضابطة في الفرق بين القسمين الأخيرين وجودَ ما يحاذيه في الخارج وعدمه ، فجعل ما لايحاذيه من المحمول بالصميمة ، وما يحاذيه من المحمول بالضميمة ، مع أنّ المقياس ليس ذلك ، بل المقياس كفاية فرض الموضوع في وضع المحمول وعدمها.
هذا كلّه حول المقطع الأوّل ، وإليك الكلام في المقطع الثاني.
ب : لا فرق بين المجعول بنفسه أو بمنشأ انتزاعه
لا يشترط في الأثر أو المستصحب ـ إذا كان المستصحب حكماً شرعياً ـ أن يكون مجعولاً بنفسه ، بل يكفي كونه مجعولاً بمنشأ انتزاعه ، وعلى ذلك فالجزئية والشرطية والمانعية وإن كانت أُموراً انتزاعية عقلية لكنّها تنتزع من الحكم التكليفي بالشرط أو الجزء أو المانع ، فإذا قال سبحانه : ( إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرافِقِ ) (١) ينتزع منه الشرطية ، فإذا قال النبي
__________________
١. المائدة : ٦.