فما كان كذلك لايضر ثبوت الأمرين بالقطع فضلاً عن الاستصحاب لعدم التضاد بينهما فيكونان بعد صيرورته زبيباً ، كما كانا معاً بالقطع بلا منافاة غير انّ المتكفل لإثبات الحلية المغياة ، والحرمة المعلقة مادام كونه عنباً هو الدليل الاجتهادي ، والمتكفل لإثباتهما كذلك عندما صار زبيباً هو الاستصحاب.
وبالجملة : حكم الزبيب ـ حلية وحرمة ـ نفس حكم العنب ، فكما لاتعارض بينهما مادام عنباً فهكذا لاتعارض بينهما إذا صار زبيباً.
فإن قلت : إنّ حلية العنب كانت مغياة بالغليان لاحلية الزبيب ولم يثبت كونها مغيّاة به حتى يحكم بارتفاعها بحصول الغاية.
قلت : لا شكّ انّ حلية الزبيب ليست أمراًجديداً طرأ عليه بل هي استمرار للحلية السابقة العارضة على العنب وعليه تكون الحلية في كلتا المرحلتين مغيّاة ، واحتمال كونها مغياة حدوثاً ( مادام عنباً ) لابقاء ( إذا صار زبيباً ) يدفعه الاستصحاب إذ الأصل بقاؤه على ما كان عليه من الحكم المغيّى.
٣. تبدل الموضوع
هذا هو الإشكال الثالث الذي تعرض به الشيخ الأعظم دون المحقّق الخراساني ، وهو أُمّ الإشكالات المتوجهة إلى استصحاب الحكم الشرعي الكلّي ، مطلقاً.
قال الشيخ : وربّما يناقش الاستصحاب التعليقي بانتفاء الموضوع وهو العنب.
ثمّ أجاب عنه بوجه موجز وقال : إنّه لادخل له في الفرق بين الآثار الثابتة للعنب بالفعل والثابتة له على تقدير دون آخر. (١)
__________________
١. الفرائد : ٢ / ٦٥٤ ، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين.