بعامة مراتب وجوده ، لايبقى شكّ في ارتفاع الحلية السابقة.
وأورد عليه : بأنّ الأصل السببي إنّما يكون حاكماً على المسببي إذا كان الترتب بينهما شرعياً ويكون التعبّد بالسببيّ تعبّداً بنقض الأصل المسببي ، مثلاً إذا غسل ثوب نجس بماء مستصحب الطهارة فالتعبد بطهارة الماء ، يلازم شرعاً ، بطهارة الثوب ونقض النجاسة المستصحبة ، لما دلّ الدليل على أنّ كلّ نجس غُسل بماء طاهر فهو طاهر ، بخلاف المقام إذ لم يدل دليل شرعي على أنّ كلّ ما حكم عليه بالحرمة فهو غير محكوم بالحلية ، وإن كانت الملازمة ثابتة عقلاً.
ويمكن أن يقال : انّ التعبد بوجود أحد الضدين وإن كان لايلازم التعبد بعدم الضد الآخر ، لكن يستثنى منه ما إذا كان التعبّد بوجود الضد ، عين التعبد بعدم الآخر عرفاً كما في المقام ، فانّ التعبّد ببقاء الحرمة المعلّقة عين التعبّد بإلغاء احتمال الحلية إذ لا معنى لكون الشيء حراماً ، مع احتمال كونه حلالاً. ففي مثله يكون الأصل المثبت حجّة.
الثاني : ما أجاب به المحقّق الخراساني وحاصله : أنّه لاتعارض بين الاستصحابين.
توضيحه انّ الزبيب عندما كان عنباً كان محكوماً بحكمين غير متعارضين.
١. الحلية قبل الغليان ، ٢. الحرمة بعده ، فكما أنّ الغليان شرط للحرمة ، هكذا هو غاية للحلية ، فإذا صار زبيباً يكون محكوماً أيضاً بنفس الحكمين فالزبيب حلال إلى أن يغلى ، وحرام إذا غلى ، فإذا حصلت الغاية لايبقى مجال لاستصحاب الحلية وتكون الساحة خاصة لاستصحاب الحرمة.
وإن شئت قلت : إنّ الحلية مغيّاة بعدم الغليان ، والحرمة مشروطة به أيضاً ،