مدفوع : بأنّ الحرمة والنجاسة التقديرية من العنب غير المغلي عبارة أُخرى عن أنّ العنب لو انضمّ إليه الغليان لترتبت عليه الحرمة والنجاسة ، وهو ـ مضافاً إلى أنّها أمر عقلي ـ مقطوعة البقاء لا معنى لاستصحابه. (١)
يلاحظ عليه أوّلاً : أنّ ما ذكره مبني على إرجاع القيود كلّها إلى الموضوع ، وإرجاع القضايا الشرطية إلى القضايا الحملية ، فلايكون الحكم الشرعي ( الحرمة ) فعلياً إلاّ بعد تحقق عامة أجزاء الموضوع ومنه الغليان ، والمفروض عدمه.
لكن التحقيق أنّ الشروط على أقسام ثلاثة حسب كيفية دخالتها في المصالح والمفاسد :
١. ما هو قيد للحكم كدلوك الشمس في وجوب الظهرين.
٢. ما هو قيد للمتعلَّق ، كما في قولك : في سائمة الغنم زكاة.
٣. ما هو قيد المكلَّف كما في الشرائط العامة من العقل والبلوغ والقدرة.
ومع ذلك فلا وجه لإرجاع عامة القيود إلى الموضوع سواء فُسر بالمكلّف ، أو بالمتعلّق ، حيث إنّه قدسسره ارجعه في المقام إلى المتعلَّق وقال : العنب المغلي ، وفي غير هذا المورد ارجعه إلى المكلف ، وقال : العاقل البالغ المستطيع ، يجب عليه الحج.
وعلى كلّ تقدير فبما انّ مدخلية الشروط مختلفة ، فتارة تكون مؤثراً في فعليّة الحكم ، وأُخرى في كون المتعلّق ذا مصلحة أو مفسدة ، أو كون المكلّف صالحاً للخطاب ، تكون الشروط من حيث المرجع مختلفة ولاتكون على وزان واحد ـ كما زعم ـ.
وثانياً : أنّ المستفاد من كلامه : انّه لو كان الشرط في لسان الشارع جزءاً
__________________
١. فوائد الأُصول : ٤ / ٤٦٧ ـ ٤٦٩.