وإلاّ لما أُمر ببيع اللحم المختلط بها ممن يستحلّها.
هذا مع أنّ الرواية الأخيرة ظاهرة الاختصاص فيما حملت عليه من الصورة ، بناءً على وقوع السؤال والجواب فيها في بلاد الإسلام ، وهي كما عرفت ممّا لا يتعلّق بما يوجد فيه من اللحم ونحوه اشتباه بلا كلام.
( ولو اختلط الذكيّ ) من اللحم وشبهه ( بالميتة ) ولا سبيل إلى تمييزه وكانا محصورين يمكن التنزّه عنهما من دون حرج ( اجتنبا ) معاً وجوباً ؛ لوجوب اجتناب الميتة ، ولم يتمّ إلاّ به ، فيجب ولو من باب المقدمة. مع أنّه لا خلاف فيه أجده إلاّ من المقدس الأردبيلي وصاحب الكفاية (١) ، فمالا إلى الإباحة استناداً إلى الأُصول ، وما مرّ إليه الإشارة من النصوص الظاهرة فيها.
وقد عرفت الجواب عنها ، مع احتمالها الحمل على الشبهة الغير المحصورة التي لا خلاف في أنّ الحكم فيها الإباحة ، لاستلزام الحرمة فيها العسر والحرج المنفيّين في الشريعة.
وربما يعضده الصحيح : عن السمن والجبن نجده في أرض المشركين بالروم ، أنأكله؟ فقال : « أمّا ما علمت أنّه قد خلطه الحرام فلا تأكله ، وأمّا ما لم تعلم فكله حتى تعلم أنّه حرام » (٢) فتدبّر.
وبالجملة : لا ريب في ضعف ما ذكراه ولا شبهة ، سيّما فيما إذا كان الاختلاط بعنوان المزج لا اشتباه الأفراد ، فإنّ الحكم بالإباحة في مثله يستلزم الحكم بإباحة المحرّم القطعي وتناوله أوّل مرّة ، وهو ممّا يقطع
__________________
(١) الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان ١١ : ٢٧١ ، ٢٧٢ ، الكفاية : ٢٥٣.
(٢) التهذيب ٩ : ٧٩ / ٣٣٦ ، مستطرفات السرائر : ٧٨ / ٤ ، الوسائل ٢٤ : ٢٣٥ أبواب الأطعمة المحرمة ب ٦٤ ح ١.