التحليل. فأين المحصّلون الذين نفى الخلاف بينهم؟ وعلى تقدير وجود غير هؤلاء منهم فليسوا أعلى درجة منهم ، فكيف ينفيه بين جمعيهم مع أنّهم من جملتهم لو لم نقل بكونهم أعظمهم وأساطينهم الذين تأسّس بهم أساس الدين ، ولولاهم لاندرس آثار دين خير المرسلين.
وبالجملة : لا ريب في فساد دعواه كمختاره ؛ لعدم ثبوته إلاّ بثبوت ما مرّ من كلّية الكبرى ، وقد عرفت أنّه لا دليل عليها. وقصارى ما يتخيّل في تصحيحها دعوى التتبّع والاستقراء للموارد الجزئيّة المحكوم فيها بنجاستها بملاقاتها للنجاسة ، فإنّ بها يحصل الظنّ القويّ بانسحاب حكمها في المسألة.
والمناقشة في هذا الخيال واضحة ؛ إذ بعد تسليم حصول الظنّ المعتمد عليه فيها لا بدّ من تخصيصه بما قدّمناه من النصوص المعتبرة في نفسها ، المعتضدة بالشهرة العظيمة المحقّقة بين القدماء ، والمحكيّة مطلقاً ، وحكاية الإجماع المتقدّمة ، لحصول الظنّ القويّ منها أقوى من تلك المظنّة الحاصلة من دعوى الاستقراء المزبورة ، سيّما مع تأيّده وارتفاع الاستبعاد الذي هو الأصل في القول بالحرمة في الحقيقة وإن تشبّث قائلوها في الظاهر بما مرّ من الأدلّة الضعيفة غايته بملاحظة تخصيص تلك الكلّية في موارد كثيرة ، كالإنفحة المعدودة من تلك العشرة ، بناءً على كون الكرش ممّا تحلّه الحياة ، كما صرّح به في الروضة (١). فإنّها إمّا هو أو ما كان داخله ، على اختلاف التفسيرين المتقدّم إليهما الإشارة. فهي إمّا ميتة مستثناة أو مائع جاورها ، كماء الاستنجاء والغسالة مطلقاً أو في الجملة على بعض
__________________
(١) الروضة ٧ : ٣٠٤.