مضافاً إلى ما مرّ من المعتبرة المعلّلة للنهي عن أكل ذبائح أهل الذمة بأنّها اسم ولا يؤمن عليها إلاّ المسلم ؛ لظهورها في حصول الأمانة في التسمية إذا كانت الذبيحة من مسلم ، وهو مطلقاً أو فيها بقرينة المقابلة لأهل الذمة أعمّ من المؤمن بلا شبهة ، ومع ذلك دالّة بمفهوم الحصر على عدم اعتبار شيء آخر في التذكية غير التسمية ، وهي في المفروض حاصلة.
وما دلّ على حلّ ما يشتري من اللحوم والجلود من أسواق المسلمين ، وهو عامّ أيضاً لغير المؤمن ، بل ظاهر فيه ؛ لأنّه الأغلب في زمان صدور هذه النصوص ، بل مطلقاً.
فقول القاضي والحلبي (١) بالمنع عن ذبيحة غير المؤمن مطلقاً كما عن الأوّل ، أو إذا كان جاحداً للنص كما عن الثاني ، ضعيف جدّاً ، إلاّ أن يقولا بكفر من منعا عن ذبيحته وعدم كونه مسلماً حقيقةً ، وهو أضعف من منعهما عنها على التقدير الأوّل جدّاً. ويشير إليه المعاضد الأخير بمعونة ما بعده من التعليل ؛ لظهوره في غير المؤمن.
ومنه يظهر ضعف قول الفاضل أيضاً بالمنع عن ذبيحة من لا يعتقد وجوب التسمية (٢) كما سيظهر ، مع أنه لا وجه لاشتراط اعتقاد الوجوب بعد إطلاق الكتاب والسنّة بحلّ ما ذكر عليه اسم الله سبحانه ، لكنّه مع ذلك له وجه إن خصّص المنع بما إذا لم يعلم منه التسمية ، وهو أنّ يقال : إنّ مقتضى النصوص المتقدّمة المعلِّلة للنهي عن ذبائح أهل الذمّة بأنّها اسم ولا يؤمن عليها إلاّ مسلم ، اعتبار حصول الأمّ بتحقّق التسمية في حلّ الذبيحة ، وهو لا يحصل في ذبيحة من لا يعتقد وجوبها حيث لا يحصل العلم بتسميته عليه ؛ لاحتمال تركه لها بمقتضى مذهبه. وهذا لا ينافي
__________________
(١) القاضي في المهذّب ٢ : ٤٣٩ ، الحلبي في الكافي : ٢٧٧.
(٢) انظر المختلف : ٦٧٩.