حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ) (١) فإنّه يدلّ على أن الأكثر ليس بمؤمن ، وكلّ من ليس بمؤمن غاوٍ ، فينتج أن الأكثر غاوٍ.
وفي كلّ من دعوى شذوذ هذا القول ، والاستدلال على ردّه نظر :
فالأوّل بأنّه مذهب جماعة من المحققين من النحاة والأُصوليين ، بل في التنقيح (٢) : إنّه مذهب أكثر النحاة وجماعة من الأُصوليين.
والثاني بتوقفه على أنّ المراد من العباد هو الناس فقط ، وهو في حيّز المنع سيما مع إفادة اللفظ العموم اللغوي ، فيشمل الملائكة وغيرهم من عباد الله تعالى.
والمستثنى منه (٣) على هذا التقدير أكثر من المستثنى قطعاً. ولا ينافيه نفي الإيمان عن أكثر الناس في الآية الأخيرة ؛ إذ نفيه عن أكثرهم لا يستلزم النفي عن أكثر العباد.
هذا مع أن سند هذا القول قوي متين ، وتمام التحقيق في الأُصول.
والمستفاد من التنقيح (٤) أنّ القول الأوّل هو الحق عند الفقهاء ، مؤذناً بدعوى إجماعهم عليه. ولعلّه كذلك ؛ إذ لم أقف في هذا الكتاب على مخالف منهم ، بل ظاهرهم الإطباق على ما في المتن.
وعليه ( فلو قال : له عليّ عشرة إلاّ ستة لزمه أربعة ) ويلزم المستثنى منه كملاً على القول الأخر ؛ لبطلان الاستثناء على تقديره ، وإن هو إلاّ نحو قول القائل : له عليّ عشرة إلاّ عشرة ، وقد اتّفقوا فيه على لزوم العشرة
__________________
(١) يوسف : ١٠٣.
(٢) التنقيح الرائع ٣ : ٤٩٤.
(٣) في المطبوع و « ر » : وما بقي من المستثنى منه ..
(٤) التنقيح ٣ : ٤٩٤.