والأقرب تقرير المتولد بين الوثني والنصراني بالجزية ، بعد بلوغه إن كان أبوه نصرانيا ، وإلاّ فلا.
______________________________________________________
الفريقين عند فريقه كافرا لمخالفته له في الاعتقاد لم يقروا بالجزية ، وإن كانوا عندهم مبتدعة لا يخالفونهم في أصل الاعتقاد فهم منهم حقيقة يقرون بالجزية.
لكن قد يقال : إن المرجع في ذلك إن كان إلى اليهود والنصارى أشكل ، من حيث أنّ الاقدام على قتلهم بقول الكفار الذين لا يؤمنون مما يخالف أصول المذهب ، والاطلاع على حالهم إلا من قبلهم عزيز.
ولو قيل بأخذ الجزية منهم ، تعويلا على ما نقل من كونهم من النصارى واليهود إلى أن يعلم تكفيرهم إياهم وعدمه ، أو رجوعا إلى إخبارهم عن أنفسهم بذلك ، وبأنهم لا يكفرونهم لكان وجها ، لأنّ دعوى من ادّعى أنه من أهل الجزية مسموعة ما لم يعلم خلافها.
قوله : ( والأقرب تقرير المتولد بين الوثني والنصراني بالجزية بعد بلوغه إن كان أبوه نصرانيا وإلاّ فلا ).
أما إذا كان الأب نصرانيا فلا بحث لثبوت تبعيته له ، وأما إذا كانت الأم نصرانية خاصة فيشكل الحكم ، لتحقق لحاقه بها ، والولد يتبع أشرف الطرفين.
فان قيل : ليست الام من أهل الجزية والأب وثني ، فلا مقتضى لتقريره بها.
قلنا : ثبوت التقرير بالجزية له ليس بتبعية الأم ، بل بكونه نصرانيا من أهل الكتاب ، وتبعيته لها ثابتة ، فيكون تابعا لها في الدين.
وقد أفتى المصنف بما اختاره هنا في كتبه كالتحرير (١) والتذكرة (٢) والمنتهى (٣) ، والذي يسوق إليه النظر عدم الفرق بين الام والأب في التبعية
__________________
(١) تحرير الأحكام ١ : ١٤٩.
(٢) التذكرة ١ : ٤٣٨.
(٣) المنتهى ٢ : ٩٦٤.