١. انّه أمارة عقلائية لكشف حال الشيء في الآن اللاحق ، واليقين السابق أمارة ظنية لبقائه في ظرف الشك. وليس المراد من الشكّ هو تساوي الطرفين حتى ينافي الظن بالبقاء ، بل المراد احتمال الخلاف الجامع مع الظن ، وبعبارة أُخرى المراد الشك الأُصولي لا الشكّ المنطقي.
٢. انّه أصل عملي اعتبر لصيانة الواقع وحفظه ، فكما أنّ المولى يحتفظ بمطلوبه بإيجاب الاحتياط في أطراف الشبهة المحصورة تحريمية كانت أو إيجابية ، فهكذا يحتفظ به في إيجاب العمل على وفق الحالة السابقة ، لأنّ الغالب على ما كان ، هو البقاء.
٣. انّه أصل عملي تعبدي محض كأصالتي الطهارة والحلية وليس ناظراً إلى صيانة الواقع.
فعلى الرأي الأوّل ، يدخل الاستصحاب في عِداد الأمارات العقلائية التي تفيد الاطمئنان بمفاده ، وليست الأمارة إلاّ كون حكم أووصف يقينيّ الحصول في الآن السابق مشكوك البقاء في الآن اللاحق ، فعندئذ يصبح تعريفُ المحقّق القمي أحسنَ التعاريف ، وإن وصفه الشيخ بأنّه من أزيفها. ويكون تعريفه بالإبقاء تعريفاً بعيداً عن حقيقة الاستصحاب. وتسمية كون الشيء « يقيني الحصول » بالاستصحاب من باب تسمية الشيء بنتيجته فانّه إذا عمل بالأمارة فكأنّه استصحب شيئاً من الماضي إلى الآن اللاحق.
وأمّا على الرأيين الأخيرين ـ أعني : كونه أصلاً شرعياً صيانة للواقع ، أو تعبدياً محضاً ـ فأحسن التعاريف ما ذكره المحقّق الخراساني ، ولكن أقربها إلى النص هو « النهي عن نقض اليقين السابق المتعلّق بالحكم الشرعي أو بموضوع ذي أثر ، بالشك اللاحق نقضاً تشريعياً لاتكوينياً ».