ومنه انقدح عدم صحّة انتزاع السببية له حقيقة من إيجاب الصلاة عنده لعدم اتصافه بها بذلك ضرورة. (١)
أقول : إنّ ما ذكره من أنّ السببية وما عطف إليها ، غير مجعولة لاتبعاً ولا أصالة مبني على مقدمتين :
المقدمة الأُولى : أنّ السبب ، والشرط والمانع ، والرافع ، كالدلوك ، والطهارة ، والحيض ، والإغماء في أثناء الصلاة ، متقدمة على التكليف ـ أي وجوب الصلاة ـ أمّا الثلاث الأُول فلأنّها من أجزاء العلة متقدّمة على المعلول ( وجوب الصلاة ).
وأمّا الرافع فلأنّه علّة لعدم وجوب الصلاة ، ومتقدّم عليه بحكم العلية ، وعدم وجوب الصلاة في رتبة وجوب الصلاة ، لأنّ المتناقضين في رتبة واحدة ، فينتج أنّ الرافع متقدّم على وجوب الصلاة.
وبذلك علم أنّ الأُمور الأربعة متقدمة على التكليف ، بمعنى وجوب الصلاة غير أنّ الثلاثة الأُولى مؤثرة في حدوث التكليف ، والرابع مؤثر في ارتفاع التكليف ، وإلى ذلك يشير بقوله حدوثاً وارتفاعاً.
المقدمة الثانية : انّوصف الأُمور الأربعة المذكورة سالفاً بالسببية والشرطية والمانعية والرافعية ، لأجل خصوصية كامنة في جوهر هذه الأُمور الأربعة التي بها تكون مؤثرة في وجوب الصلاة حدوثاً ، أو ارتفاعاً ، ولولا تلك الخصوصية لما أثّرت في التكليف ورفعه ، لما ثبت في محله من أنّه يجب أن يكون بين العلة والمعلول ربط وخصوصية لاتوجد في غيرها ، وإلاّ يلزم أن يكون كلّ شيء سبباً أو شرطاً أو مانعاً أو رافعاً لكلّ شيء.
__________________
١. الكفاية : ٢ / ٣٠٣ ـ ٣٠٤.