النظرية الثالثة
هذه النظرية هي التي أكّد عليها المحقّق الخراساني في « الكفاية » ، فانّه لمّا وقف على الإشكالات الواردة على نظرية صاحب الفصول ، عدل عنها إلى نظرية ثالثة وحاصلها :
إنّ الصدر لبيان جعل الطهارة والحلية الواقعيتين لذات الأشياء ، والذيل لبيان الاستصحاب ، وبما انّ ما ذكره في « الكفاية » غير خال عن التعقيد نشرح مراده في ضمن أُمور أربعة :
١. انّ الموضوع في قوله : « كلّ شيء طاهر » أو « كلّ شيء حلال » هو العناوين الأوّلية التي يصدق عليه عنوان الشيء ، وكأنّ القائل يقول : إنّ كلّ ما صدق عليه عنوان الشيء كالجماد والنبات والحيوان ، فهو بهذا العنوان الأوّلي طاهر أو حلال.
وليس الموضوع ، الشيء المشكوك الحكم من حيث الطهارة والحلية ، وعلى هذا ليست الغاية مأخوذة في ناحية الموضوع أصلاً ، ولو قال القائل : « كلّ شيء طاهر » وسكت أو قال : « كلّ شيء حلال » ، ولم ينطق بشيء كان الكلام تامّاً ، وكان ظاهراً في جعلهما على ذوات الأشياء.
٢. إذا كان الصدر ظاهراً في جعل الطهارة الواقعية للشيء بما هو هو فغايتها هو ملاقاة الشيء بالنجس ، أو طروء عنوان يوجب كونه حراماً ، كانقلاب الخل ، خمراً أو غليان العصير العنبي كما هو كذلك في صحيح محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عن الرضا عليهالسلام قال : « ماء البئر واسع لايفسده شيء إلاّ أن يتغيّر ريحه أو طعمه فينزح حتى يذهب ريحه ويطيب طعمه ». حيث جعلت الغاية نفس