يلاحظ عليه : بأنّ الاستدلال مبني على أنّ المراد من الريب المنفي هو الريب النسبي لا الريب على وجه الإطلاق ، بمعنى انّ الريب الموجود في الشاذ ليس بموجود في المشهور وإن كان المشهور محتمل الريب من جهات أُخرى ، فعلى هذا يصحّ التعدي لكن الظاهر انّ المنفي هو الريب على وجه الإطلاق كما هو مقتضى « لا النافية للجنس ».
يقول ابن مالك في نكته على مقدمة ابن الحاجب بأنّ « لا » قد تكون نافية للجنس ويُفرَّق بين إرادة الجنس وغيره بالقرائن وإنّما أعملت « اعمال ما ولا » لأنّها لما قصد بها نفي الجنس على سبيل الاستغراق اختصت بالجنس. (١)
وعلى هذا فاحتمال انّ الريب المنفي هو الريب النسبي على خلاف الظاهر. غير انّ « لما لا ريب فيه » مصداقين :
أحدهما : الخبر المتواتر ، وليس هو المراد في المقام ، لأنّ الراوي افترض بعد هذا السؤال خبرين مشهورين ، ومن المعلوم عدم إمكان فرض خبرين متواترين متعارضين ولا وجه للسؤال عن غير الممكن.
وثانيهما : الخبر الواحد الذي تطمئن به النفس وتسكن إليه ، لنقل الأصحاب وعملهم به دون الآخر الذي أعرض عنه الأصحاب نقلاً وعملاً أو عملاً فقط ، فالأوّل لا ريب فيه عرفاً ، والثاني فيه كلّ الريب ولايدخل مثل ذلك في عنوان الخبر المتواتر ، إذا عرفت ذلك فاعلم أنّه لو قلنا بالتعدي فانّما يصحّ لو كان المتعدَّى إليه مثل الشهرة العملية للرواية التي تجعل الخبر مسكوناً إليه لا مطلق المرجِّح الذي لايجعل الخبر بلا ريب.
إلى هنا تبيّن ما هو المراد من الحديث ، وإليك تحليل ما استشهد به من
__________________
١. البهجة المرضية : ٦٧ ، طبعة المكتبة الإسلامية.