لأجل كونه بياناً للحكم الواقعي والآخر على خلافه بل يمكن أن يكون على العكس ، وإنّما وجب الأخذ بالأحدث ، لأجل انّ إمام كلّ عصر أعرف بمصالح شيعته ، مع أنّ كلاً من الخبرين بالنسبة إلى بيان الحكم الواقعي وعدمه سواء ، وعلى هذا يختص الترجيح بهذه المزيّة لعصرهم دون عصر الغيبة ، لأنّه بالنسبة إلى الخبرين متساو.
نعم الأخذ بالأحدث إذا كان في كلام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ربما يكون لأجل كونه ناسخاً للأول ، وأمّا في كلام الإمامين أو الإمام الواحد فلايتصور فيه ذلك. وهنا كلام لصاحب الوافية يقول :
« ولا أعلم أحداً عمل بهذه الروايات غير ابن بابويه في الفقيه في باب « الرجل يوصي إلى رجلين » فقال : لو صحّ الخبران جميعاً ، لكان الواجب الأخذ بقول الأخير كما أمر به الصادق عليهالسلام ، وذلك لانّ الأخبار لها وجوه ومعان ، وكلّ إمام أعلم بزمانه وأحكامه من غيره من الناس.
وقال أيضاً : العمل بالروايات الدالّة على العمل بالأحدث في الأحاديث النبوية قريب ، لما ورد منه انّ الأحاديث ينسخ بعضها بعضاً ، وأمّا في أخبار الأئمّة عليهمالسلام بالنسبة إلى مكلّفي هذه الأعصار فمشكل غاية الإشكال. (١)
إلى هنا تمّ الكلام في الجهة الأُولى وهي التعرف على المرجِّحات ، وحان البحث في الجهة الثانية ، وهي لزوم الأخذ بالمرجِّحات وعدمه.
__________________
١. لاحظ الوافية : ٣٠١ ، ٣٣٥ ؛ والفقيه : ٤ / ١٥١ برقم ٥٢٤.