حاضراً في البلد ، فهو مخالف لسياق الأخبار ، حيث إنّ الظاهر من بعضها انّه لم يكن للراوي طريق إلى حكم الواقعة يحسم مادة الخلاف ، ولذا أمر الإمام عليهالسلام سماعة بالتوقّف في حال لم يكن متمكّناً من لقاء الإمام ، بشهادة أنّه لمّا قال سماعة إنّه لابدّ من العمل بأحدهما ، فأجاب الإمام بالأخذ بما خالف العامة. (١) ولو كان متمكناً أمره بالسؤال لا العمل بما خالف العامة.
وإن أُريد من التمكّن الأعم من الحال والاستقبال في مقابل عدم التمكّن مطلقاً يلزم حمل أخبار التخيير على الفرد النادر ، وأمّا حمل أخبار التخيير على زمان الغيبة فبعيد ، لصدورها في عصر الحضور ، كما هو الحال في حديث الحسن بن جهم والحارث بن المغيرة. (٢)
يلاحظ عليه : أنّ المراد من التمكّن وعدمه ليس هو التمكّن العقلي حتى يرد عليه ما ذكر ، بل المراد التمكّن العرفي وعدمه ، فانّ الرواة حسب ظروفهم كانوا على صنفين :
فصنف كان يتمكّن من لقاء الإمام ولو بطيّ مسافة يسيرة.
وصنف آخر لايتمكّن من لقاء الإمام إلاّ بطيّ مسافة بعيدة ، كما هو الحال في شأن علي بن المسيب (٣) قال : قلت للرضا عليهالسلام : شقّتي بعيدة ، ولست أصل إليك في كلّ وقت ، فممّن آخذ معالم ديني؟ قال : « من زكريا بن آدم القمي المأمون على الدين والدنيا ». (٤)
__________________
١. لاحظ الحديث الثاني.
٢. الإمام الخميني : الرسائل : ٢ / ٥١.
٣. علي بن المسيب عربي تيمي ينسب إلى قبيلة هَمْدان ، وثّقه الطوسي في رجال الرضا عليهالسلام.
٤. الوسائل : ١٨ / ١٠٦ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٧.