وعلى ضوء ذلك فأخبار التخيير محمول على غير المتمكّن عرفاً ، وما أكثره بين الناس ، وعندئذ لايلزم حملها على الفرد النادر.
وأمّا حديث سماعة فقد أمره الإمام بالتوقّف ، لأنّه كان متمكّناً من لقاء الإمام ، ولو بعد أيام وكان تكليفه التوقّف ، ولكن لمّا كان المورد من الأُمور المضيّقة التي لاتقبل الاستمهال ولو مدّة يسيرة رخّص الإمام أن يعمل بمخالف قول العامة.
ثمّ إنّ هناك وجوهاً أُخرى ذكرت للجمع بين الروايات ليس لها شاهد يدعمها ، وقد أشرنا إلى بعضها. (١)
وقبل أن نذكر الطائفة الثالثة نشير إلى نكات في أخبار التخيير :
الأُولى : هل الأخذ بأحد الخبرين لازم؟
هل الأخذ بأحد الخبرين لازم أو لا؟ وجهان :
١. لزوم الأخذ ، لأنّ الظاهر منها إفاضة الحجّية على المتعارضين بعد سقوطهما عند العقل والعقلاء ، وما هذا شأنه لايوصف بالجواز ، بل يكون منجِّزاً لو أصاب ومعذِّراً لو خالف.
٢. عدم اللزوم ، لأنّه المتبادر من قوله : « فموسَّع عليك بأيّهما أخذت ».
الظاهر هو الأوّل ، لما ذكرنا من أنّ المتبادر إفاضة الحجّية على الخبرين عند التعارض لمن لم يتمكن عرفاً من لقاء الإمام ، فيكون العمل به واجباً.
وأمّا قوله : « فموسّع عليك » ، فليس بصدد بيان انّ الأخذ بأحدهما جائز
__________________
١. لاحظ الكافي : ١ / ٦٦ ، وقد ذكرناها على التفصيل في الدورة الثالثة.