الجواب : إنّ فيه حديثين :
أمّا أحدهما فانّه إذا انتقل من حالة إلى أُخرى فعليه التكبير ، وأمّا الآخر فانّه روي : أنّه إذا رفع رأسه من السجدة الثانية ، وكبّر ، ثمّ جلس ثمّ قام فليس عليه في القيام بعد القعود تكبير ، وكذلك التشهد الأوّل يجري هذا المجرى ، وبأيّهما أخذت من باب التسليم كان صواباً. (١)
ودلالة الحديث على التخيير بين الخبرين المتعارضين فرع كون السؤال عن المسألة الأُصولية والإجابة على وفقها ، وأمّا لو كان السؤال عن حكم الواقعة وكان الجواب لبيان حكم الواقعة فلايكون دليلاً على ما نحن فيه.
ذهب سيدنا الأُستاذ إلى الثاني ، ولكن القرائن تشهد على الأوّل وذلك :
أوّلاً : لأنّه لو كان السؤال عن حكم الواقعة وكان الجواب لبيان حكمها كان على الإمام تخصيص الرواية الأُولى بالثانية ، لأنّ نسبة الثانية إلى الأوّل نسبة المخصص إلى العام ، وهذا يدل على أنّ الإمام لم يكن بصدد بيان الحكم الواقعي للمسألة.
وثانياً : لو كان الإمام بصدد بيان الحكم الواقعي ، لما كان هناك أي ملزم لبيان انّه وردت هناك روايتان إحداهما كذا والأُخرى كذا ، بل كان عليه أن يفتي بالحكم الواقعي.
وثالثاً : أنّ التعبير « بأيّهما أخذت من باب التسليم كان صواباً » قد ورد في الخبرين المختلفين كما عرفت في رواية الحسن بن الجهم وعلي بن مهزيار ، فيكون قرينة على أنّ الغرض هو بيان حكم المسألة الأُصولية.
نعم يرد على الاستدلال بالرواية بأنّ موردها هو المستحبّات والتخيير فيها
__________________
١. الوسائل : ١٨ / ٨٧ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٣٩.