الخامسة : هذا إذا كان موضوع المصلحة مؤدّى الأمارة ، وأمّا لو كان موضوعها هو الإلزام القلبي بكلّ من التكليفين بأن يجب الالتزام بالوجوب كما يجب الالتزام بالإباحة ، فتدخل في باب المتزاحمين ضرورة عدم إمكان الالتزام بحكمين في موضوع واحد من الأحكام.
هذه هي الصورة التي ذكرها المحقّق الخراساني فأدخل بعضها في التزاحم وأخرج بعضها الآخر عنه.
يرد على كلامه أمران :
الأوّل : اختصاص المصلحة السلوكية بالخبر الذي يحتجّ به ، أعني : غير المعارض ، لا بالخبرين المتعارضين اللّذين لايحتج بهما حسب ما عرفت.
الثاني : عدم انطباق حدّ التزاحم على الصور التي جعلها منه.
وإليك بيان الأمرين :
أمّا الأوّل : فلأنّ معنى المصلحة السلوكية مختصة بالخبر غير المعارض ( الحجة ) دون الخبرين المتعارضين ، ويعلم ذلك من الدافع الذي دفع الشيخ إلى تصويره حيث إنّ الشارع أمر بالعمل بالأمارة مطلقاً مع أنّها ربما تخطأ في بعض الموارد. وهي مستلزمة لتفويت المصلحة أو الوقوع في المفسدة.
فهذا ما دفع الشيخ إلى التخلّص عنه بتصوير المصلحة السلوكية الجابرة ، وعلى ذلك فالمصلحة السلوكية لها إطار ضيق لايعم إلاّ الخبر غير المعارض الذي أمر الشارع بالعمل به.
وأمّا الخبران المتعارضان فالمفروض عدم حجّيتهما ، لما دلّت المنفصلة السابقة على عدم صحة الاحتجاج بهما ، وذلك لأنّ التعبّد بهما تعبّد بأمرين مختلفين في