الملاك في أحدهما أقوى من الآخر.
٢. ذهب المحقّق الخراساني إلى التفصيل بين الصور :
الأُولى : إذا كانت السببية المقتضية للحجّية مختصة بما إذا لم يعلم كذب الخبر لا تفصيلاً ولا إجمالاً ، يكون مقتضى القاعدة هو التساقط لفقدان الشرط ، وهو عدم العلم بكذب أحد الخبرين ، فتخرج هذه الصورة من أقسام السببية وتدخل في الطريقية. وإلى هذه الصورة أشار المحقّق الخراساني بقوله : « لو كان الحجّة خصوص ما لم يعلم كذبه ... ».
الثانية : لو قلنا بأنّ المقتضي للحجّية هو مطلق الخبر وإن علم كذب أحدهما إجمالاً ، فيكون المتعارضان من باب تزاحم الواجبين ، سواء أدّيا إلى وجوب الضدين كما إذا دلّ أحدهما على وجوب الحركة والآخر على وجوب السكون ، أو إلى لزوم المتناقضين كما إذا دلّ أحدهما على وجوب الشيء والآخر على عدمه.
الثالثة : لو دلّ أحدهما على الوجوب والآخر على حكم غير إلزامي كالإباحة ، فقد ذهب المحقّق الخراساني إلى عدم التزاحم ضرورة عدم صلاحية ما لا اقتضاء فيه ( الإباحة ) أن يزاحم ما فيه الاقتضاء ( كالوجوب ) ، وإلى هذه الصورة أشار بقوله : « لافيما إذا كان مؤدّى أحدهما حكماً غير إلزامي ». (١)
الرابعة : هذا إذا كانت الإباحة بمعنى عدم الاقتضاء لحكم من الأحكام ، وأمّا لو كانت الإباحة عن اقتضاء بأن كانت المصلحة مقتضية للتساوي بحيث تكون الإباحة عن اقتضاء التساوي لا عن عدم الاقتضاء فيزاحم حينئذ ما يقتضي الإلزام ، فيتعامل معهما معاملة المتزاحمين.
__________________
١. والفرق بين هذه الصورة وما في الصورة الثانية من لزوم المتناقضين ، هو انّ عدم الوجوب فيها ليس حكماً شرعياً بخلاف الإباحة فانّه حكم شرعي.