وجوب شيء واقعاً سبباً شرعياً لوجوبه ، ظاهراً على المكلّف ، يصير المتعارضان من باب السببين المتزاحمين إلى آخر ما ذكره ، فعلى ما ذكره تكون ملازمة بين حجّية الأخبار من باب السببية وكون المتعارضين من باب المتزاحمين مطلقاً فيتبعه كون الأصل في الخبرين المتعارضين هو التخيير. (١)
وهذا النوع من السببية أمر جديد من الشيخ ، ولذلك اشتهر بعدها القول بالحكم الظاهري ، وكأنّ لنا حكمين أحدهما واقعي والآخر ظاهري ، ولكن الحقّ انّه ليس للأمارة دور سوى الإيصال إلى الواقع ، فإن وافقت فيكون المؤدّى نفس الواقع ، وإلاّ تكون معذّرة من دون أن تستعقب جعل حكم ظاهري.
إذا اتضح ذلك فلنذكر حكم مقتضى القاعدة على القول بالسببية ، فهناك أقوال ثلاثة :
الأوّل : دخولهما تحت المتزاحمين ، كما عليه الشيخ الأعظم قدسسره.
الثاني : التفصيل بين صور التعارض ، كما عليه المحقّق الخراساني قدسسره.
الثالث : عدم دخولهما تحت المتزاحمين مطلقاً ، وهو المختار وإليك البيان :
١. ذهب الشيخ إلى أنّ مقتضى القاعدة على القول بالسببية هو التخيير ، فقال : إنّ الحكم بالتخيير ثابت على تقدير كون العمل بالخبرين من باب السببية بأن يكون قيام الخبر على وجوب شيء واقعاً سبباً شرعياً لوجوبه ظاهراً على المكلّف ، فيصير المتعارضان من قبيل السببين المتزاحمين فيلغى أحدهما مع وجود السببية فيه لاعمال الآخر كما في كلّ واجبين متزاحمين.
وكان الأولى أن يقول بالتخيير عند مساواة الملاك والأخذ بالأهم إذا كان
__________________
١. فرائد الأُصول : ٤٣٩.