٤. عدم حجّية كليهما ، وهو ملازم للتساقط وهو المتعيّن. (١)
ثمّ إنّ المحقّق الخوئي حاول أن يثبت وجود الدليل على التخيير بين الخبرين ، وذلك باستكشاف التخيير بتقييد أحد الإطلاقين بترك الآخر بأن يقال انّ الأخذ بكلا الخبرين لمّا كان مستلزماً للتعبّد بالمتناقضين ، يكفي في رفعه تقييد الإطلاق بقيد عدمي ، وهو حجّية كلّ ، بشرط عدم الأخذ بالآخر ، ومثله الحكم في الخبر الآخر ، فتكون النتيجة هو التخيير ، ولانحتاج في استكشاف التخيير إلى دليل آخر سوى وجود الإطلاق لصورة التعارض والاكتفاء في تقييد الإطلاق بقيد عدمي. (٢)
يلاحظ عليه : أنّ استكشاف التخيير إنّما يصحّ في المتزاحمين المشتملين على المصلحة القطعية كالغريقين ، وبما انّ عجز المكلّف صار سبباً لسقوط التكليف ، فعند ذلك يصحّ أن يقال : انّ رفع التزاحم يتحقّق بتقييد امتثال كلّ من الحكمين بترك الآخر ، ولايتوقف على طرح كلا الدليلين.
وأمّا المقام فالمفروض انّ الخبر حجّة من باب الطريقية لا من باب السببية ، وعندئذ فأحد الخبرين كاذب قطعاً والخبر الآخر محتمل الكذب ، فليس هناك علم بالملاك فيهما حتى لايجوز طرحهما ويزول الإشكال بتقييد إطلاقهما.
فإن قلت : المفروض انّ كلّ واحد من الخبرين حجّة ظاهرية شملهما دليل الحجّية ، فالمحذور يرتفع بتقييد إطلاق الحجّية لابرفع اليد عنها.
قلت : فرّق بين العلم بوجود حكمين واقعيين كاشفين عن وجود الملاك في كلّ واحد منهما ، وبين العلم بحكمين ظاهريين غير
__________________
١. نهاية الدراية : ٥ / ٢٨٥.
٢. مصباح الأُصول : ٣ / ٣٦٣.