إذا كان دليل الحجية أمراً لبياً كالسيرة العقلائية أو الإجماع ، فعندئذ يكون دليل الحجية قاصراً عن الشمول للمتعارضين ، لأنّ الدليل اللبّي لايتصوّر فيه الإطلاق فيؤخذ بالقدر المتيقّن وهو اختصاص الحجّية بما إذا كان الخبر غير معارض ، فتكون النتيجة عدم الدليل على حجّية الخبرين المتعارضين وهو مساو لسقوطهما.
الثانية : إذا كان هناك إطلاق شامل لصورة التعارض ، كما إذا كان دليل الحجّية أمراً لفظياً كآية النبأ والنفر ، وقلنا بوجود الإطلاق فيهما الشامل لصورة المتعارضين ، فيقع الكلام في مقتضى القاعدة الأوّلية.
إنّ مقتضى القاعدة الأوّلية هو التساقط ، وإلاّ فالأمر دائر بين الأُمور الثلاثة :
١. الأخذ بكليهما ، وهو يستلزم التعدّد في المتناقضين.
٢. الأخذ بأحدهما المعين ، وهو ترجيح بلا مرجّح.
٣. الأخذ بأحدهما المخير ، وهو لا دليل عليه.
لأنّ الأدلّة دلّت على حجّية كلّ واحد معيّناً لامخيّراً ، فإذا بطلت الاحتمالات الثلاثة تعيّن التساقط.
ثمّ إنّ المحقّق الاصفهاني ذكر الاحتمالات المتصوّرة بنحو آخر :
١. أن تكون الحجّة أحدهما لابعينه. وهو باطل ، إذ ليس له مصداق إلاّ في الذهن وكلّ ما بالخارج فهو أمر معيّن لمساوقة الوجود مع التشخّص.
٢. أن تكون الحجّة في الخبرين ما يكون مطابقاً للواقع. وهو أيضاً باطل لعدم العلم بمطابقة واحد منهما لاحتمال كذب كليهما.
٣. أن يكون كلّ منهما حجّة ، وهو يستلزم التعبّد بالمتناقضين.