الواقع لاوفق التقية.
روى الصدوق عن يحيى بن أبي عمران أنّه قال : كتبت إلى أبي جعفر الثاني عليهالسلام في السنجاب والفنك والخز ، وقلت : جعلت فداك ، أحب أن لاتجيبني بالتقية في ذلك؟ فكتب بخطه إليَّ : « صلّ فيها ». (١)
الثاني : انّ أصحاب الأئمّة الذين كانوا بطانة لعلومهم ومذاهبهم ، كانوا يميّزون الحكم الصادر عن تقيّة والصادر لا عن تقيّة ، فإذا روى شخص عن الأئمة حديثاًوكان على وجه التقية ، يخاطبونه بقولهم أعطاك من جراب النورة. وأمّا إذا كان لا على نحو التقيّة يقولون : أعطاك من عين صافية. (٢)
ثمّ إنّ الإفتاء على وفق التقية كان يتناسب مع حجم الأخطار المحدقة ، فإذا كان الخطر دائماً بالنسبة إلى شخص ، يفتيه الإمام على وفق التقية من دون أن يحدّد ظرف العمل به ، وإذا كان الخطر مؤقتاً ومقطعيّاً يفتيه على وجه مؤقت ثمّ يرشده إلى من يهديه إلى الحكم الواقعي.
روى علي بن سعد البصري ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليهالسلام : إنّي نازل في قوم بني عديّ ومؤذِّنهم وإمامهم وجميع أهل المسجد عثمانيّة يبرأون منكم ومن شيعتكم ، وأنا نازل فيهم فما ترى في الصلاة خلف الإمام؟ فقال عليهالسلام : « صلِّ خلفه واحتسب بما تسمع ، ولو قدمت البصرة لقد سألك الفضيل بن يسار وأخبرته بما أفتيتك فتأخذ بقول الفضيل وتدع قولي » ، قال عليّ : فقدمت البصرة فأخبرت فضيلاً بما قال : فقال : هو أعلم بما قال ، ولكنّي قد سمعته وسمعت أباه
__________________
١. الوسائل : ٣ ، الباب ٣ من أبواب لباس المصلّي ، الحديث ٦.
٢. الوسائل : ١٧ / ٥٠٨ ، الباب ٥ من أبواب ميراث الأعمام والأخوال ، الحديث ٢.