السابقة هي الصحّة ، فلو قدّم الاستصحاب على القاعدة في الصورة الثانية يلزم اختصاصها بالصورة الثالثة وهي نادرة جداً ، ولا معنى لتشريع قاعدة على التفصيل لمورد نادر.
٣. انّ لسان القاعدة لسان رفع الشكّ ولسان الاستصحاب هو الحكم بإبقاء اليقين في ظرف الشكّ فيقدّم الأوّل على الثاني.
أما الأوّل فلقوله : « إنّما الشكّ في شيء لم تجزه ». (١) أو قوله عليهالسلام : « فشكك ليس بشيء ». (٢) أو « انّه قد ركع ». (٣)
وأمّا الثاني كقوله : « لاتنقض اليقين بالشكّ » فهو « يفترض وجود اليقين والشكّ ثمّ يحكم بإبقاء اليقين لا على إلغاء الشكّ ، فيكون تقدّم القاعدة على الاستصحاب من باب الحكومة كتقدم « لا شكّ لكثير الشكّ » على أحكام الشكوك.
فإن قلت : إنّ شرط الحكومة هو كون تشريع الحاكم لغواً لولا تشريع المحكوم كما في قوله : « لا ربا بين الزوج والزوجة » بالنسبة إلى أدلّة تحريم الربا ، فلولا التحريم لكان تشريع الربا بين الزوج والزوجة أمراً لغواً.
قلت : ليست الحكومة مصطلحاً شرعياً حتى نبحث في تحديدها بل يكفي في الحكومة كون أحد الدليلين متصرفاً في موضوع الدليل الآخر بالتوسعة والضيق سواء أكان تشريع الحاكم من دون تشريع المحكوم لغواً أو لا.
وربما يتصور انّ التقديم من باب التخصيص ، لأنّ أغلب موارد العمل بالقاعدة يكون مورداً لجريان الاستصحاب. (٤)
____________
١ و ٢ و ٣. تقدّم برقم ١ و ١١ و ١٦.
٤. مصباح الأُصول : ٣ / ٢٦٤.