بالعنوان الأوّلي الواقعي ، وفي الأُصول هو الشكّ من جهة كلّ عنوان. كيف وربما يحصل اليقين بالطهارة النفسانية من خلال الأُصول الشرعية ، كجريان أصل الطهارة في الماء واللباس ، فيتوضأ بمثل هذا الماء ويحصل له اليقين بالطهارة الحدثية الظاهريّة ، فكيف يمكن أن يقال : انّ الشكّ في موضوع الاستصحاب ، الشكّ من جهة العنوان الواقعي ، في الحالة اللاحقة مع تبيّنه في الحالة السابقة ، مع أنّ الواقع لم يكن مبيّناً سابقاً حتى يُتطلب لاحقاً.
تقدّمه عليها من باب الحكومة
ذهب الشيخ الأنصاري إلى أنّ تقدمه عليها من باب الحكومة ، وأفاد في وجه ذلك ما هذا نصه :
إنّ دليل الاستصحاب بمنزلة معمِّم للنهي السابق بالنسبة إلى الزمان اللاحق [ كما لو كان المانع خمراً وشكّ في بقائه ] فقوله : « لاتنقض اليقين بالشكّ » يدل على أنّ النهي الوارد لابدّ من إبقائه وفرض عمومه للزمان اللاحق ـ إلى أن قال : ـ فمجموع الرواية المذكورة ودليل الاستصحاب بمنزلة أن يقول : « كلّ شيء مطلق حتى يرد فيه نهي ، وكلّ نهي ورد في شيء فلابدّ من تعميمه لأزمنة احتماله » فيكون الرخصة في الشيء وإطلاقه مغَيّى بورود النهي المحكوم عليه بالدوام وعموم الأزمان ، فكانَ مفادُ الاستصحاب نفيَ ما يقتضيه الأصل الآخر ( البراءة ) في مورد الشكّ لولا النهي [ المسوق بالاستصحاب ] وهذا معنى الحكومة. (١)
يلاحظ عليه أوّلا : أنّ الظاهر من قوله : « حتى يرد فيه نهي » بحكم رجوع الضمير إلى الشيء نفسه هو ورود النهي عليه بما هو هو ، لا بما هو مشكوك الحلية
__________________
١. فرائد الأُصول : ٤٢٣ ، بعد الفراغ عن بيان النسبة بينه وبين القرعة.