وأمّا الثاني : فهو مبني على كون الزمان قيداً في القاعدة ، وظرفاً أو غير ملحوظ في الاستصحاب ، لكنّه غير صحيح ، لأنّ الفرق بينهما يرجع إلى تعلّق الشك في القاعدة بالحدوث ـ مع قطع النظر عن البقاء ـ وفي الاستصحاب على البقاء ، مع تسليم الحدوث ، وتعلّقه بالحدوث ليس بمعنى تقيّده به ، بل بمعنى كونه الملحوظ دون غيره ، وعدم لحاظ الغير غير كون الملحوظ مقيّداً بعدم لحاظ الغير ، فانّك إذا رأيت زيداً اليوم فقد رأيته اليوم لا أمس ، لأنّ الرؤية مقيّدة بعدم الرؤية في الأمس.
وقد تسرّب كون الزمان قيداً في القاعدة من كلام الشيخ الأنصاري كما سبق. (١)
الرابع : ما ذكره المحقّق النائيني وهو انّ المتيقّن في مورد الاستصحاب مفروض الوجود وإنّما الشكّ في بقائه ، وهذا بخلاف مورد القاعدة فانّ المتيقّن فيه ليس بمفروض الوجود ، إذ المفروض انّ أصل حدوثه فيه مشكوك ، وعليه فلايمكن التعبد بالمتيقّن في مورد كلّ من الاستصحاب والقاعدة في دليل ضرورة عدم إمكان الجمع بين تصوّر الشيء مفروض الوجود ، وتصوّره مشكوكاً فيه في لحاظ واحد لرجوعه إلى الجمع بين المتناقضين. (٢)
يلاحظ عليه : انّه مبني على تفسير اليقين بمعنى المتيقّن فعند ذاك يأتي ما ذكره من عدم صحة تصوّر الشيء بصورتين متضادتين ، وأمّا إذا كان اليقين بمعنى نفسه والنهي متوجهاً إلى نقضه ، من دون نظر إلى المتيقّن ، فلا مورد للإشكال ، إذ ليس لليقين إلاّ صورة واحدة ، وعند ذاك يشمل الحديث القاعدة والاستصحاب
__________________
١. الفرائد : ٤٠٥.
٢. مباني الاستنباط : ٢٧٩.