كان على يقين ثمّ شكّ فليمض على يقينه » فهل هو ناظر إلى الاستصحاب أو قاعدة اليقين أو إلى كليهما؟ فاستفادة حجّية كلا الأمرين فرع إمكان الجمع بينهما ثبوتاً ، ولذلك عقدنا بحثاً خاصاً لذلك تبعاً للشيخ الأعظم فقد ذهب الشيخ وغيره إلى امتناع الجمع بينهما لحاظاً ، وذكروا هناك وجوهاً نشير إلى بعضها :
الأوّل : انّ المضيّ في الاستصحاب عبارة عن الحكم ببقاء المتيقّن سابقاً من غير تعرّض لحال حدوثه ، والمضي في القاعدة هو الحكم بحدوث ما تيقّن من غير تعرّض للبقاء ، فلاتصح إرادة المعنيين من قوله : « من كان على يقين فشكّ فليمض على يقينه » لتغاير معنى المضيّ فيهما.
يلاحظ عليه : أنّه إنّما يلزم ذلك لو استعمل لفظ المضيّ في كلا المعنيين أي المضي حدوثاً والمضي بقاء ، دونما إذا استعمل في الجامع وهو عدم التوقف لأجل الشكّ وفرضه كالعدم ، غير انّه يختلف باختلاف متعلّقه ، فلو تعلّق الشكّ بالبقاء يكون معناه الحكم بالبقاء ، ولو تعلّق بالحدوث يكون معناه الحكم به.
الثاني : ما ذكره أيضاً وحاصله : انّ شمول الحديث للاستصحاب والقاعدة متفرّع على تعدّد اليقين حتى يشمله شمولَ القضية الحقيقية لافرادها المختلفة ، ولكن اليقين واحد ، لوحدة متعلّقه وهو العدالة ، وليس هنا يقينان مختلفان حتى يعمّ الحديثُ عموم القضية ، لافرادها.
نعم يختلف اليقين في الاستصحاب عن اليقين في القاعدة بالعوارض المتأخرة عنه وهو أخذ الزمان قيداً في القاعدة وظرفاً في الاستصحاب ، وليس اليقين بتحقق مطلق العدالة يوم الجمعة واليقين بعدالته المقيّدة بيوم الجمعة فردين من اليقين ، داخلين تحت عموم الخبر ، ضرورة انّ الطوارئ المتأخرة عن اليقين لاتوجب تعدّد اليقين مع وحدة المتعلّق.