ونسبة ، أو كان الشرط بقاء الموضوع ، فما هو الملاك لتميّز وحدتهما عن كثرتهما؟ هاهنا احتمالات :
أ : الملاك قضاء العقل بأحد الأمرين
ربما يحتمل أنّ الملاك هو قضاء العقل بوحدة القضيتين أو كثرتهما ، ومن المعلوم أنّ قيود القضايا وشروطها ترجع عند العقل إلى الموضوع وتشكِّل برمتها موضوعاً واحداً ، فلو قال : إذا جاء زيد وسلَّم عليك وأكرمك ، فاطعمه ، فالموضوع في لسان الدليل وإن كان هو زيد ولكنّه عند العقل هو المركب منه ومن سائر القيود ، كأنّه قال : زيد الجائي غداً المُسلِم المُكرم ، يُطعَم. ولذلك يقول الحكماء : « الجهات التعليلية عند العقل جهات تقييدية » ، فلو كان أكرم زيداً لعلمه ، فالموضوع زيد العالم لازيد فقط.
فلو صحّ ذلك الاحتمال وكان المرجع هو العقل فهو قاض دقيق الملاحظة يجعل كلّ القيود جزء الموضوع ، وعندئذ يمتنع جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية الكلية ، لأنّ الشكّ في بقاء الحكم الكلي نابع عن اختلال قيد من قيود الحكم ، فلو كانت القيود محفوظة لما تسرّب الشك.
مثلاً : الشك في بقاء نجاسة الماء المتغيّر إذا زال تغيّره نابع عن زوال التغيّر بنفسه ، فهو عند العقل قيد لموضوع الحكم ، ومع زواله يكون الموضوع في الآن اللاحق مختلفاً كما تكون القضيتان متعدّدتين فلايصدق الشك في البقاء ، ولايعد رفع اليد نقضاً لليقين السابق ، فيختصّ جريانه بالشبهات الموضوعية كاستصحاب حياته.
فإن قلت : على هذا الاحتمال يختص عدم الجريان بالشبهات الحكمية إذا