كان الشك فيها ، شكاً في المقتضي كالمثال السابق ، وأمّا إذا كان الشك في الرافع ذاتاً أو وصفاً فلايمنع عن جريانه كما أفاده الشيخ الأعظم في فرائده. (١)
قلت : بل لايجري في الشكّ في الرافع بكلا قسميه أيضاً ، لأنّ الموضوع في قوله « المتوضئ متطهر » عند العقل هو المتوضئ الذي لم يصدر منه الحدث يقيناً ، وهذا النوع من العلم الذي هو قيد للموضوع مرتفع في الآن اللاحق لكونه شاكاً في صدور الحدث وجوداً أو وصفاً ، كما إذا تردّد البلل بين كونه بولاً أو مذيّاً.
فتبين انّه لو كان الملاك هو قضاء العقل بالوحدة والكثرة فلايجري في الشبهات الحكمية وإنّما تجري في الشبهات الموضوعية فقط ، كما مثّلناه.
هذا هو عصارة الوجه الأوّل ، ولكنّه غير صحيح بالمرة. لأنّ العقل هو المرجع الوحيد في أحكامه ، فهو الحاكم الذي يعيِّن موضوع حكمه وحدوده وسائر خصوصياته ، كقولنا العدل حسن والظلم قبيح.
وأمّا الأحكام الشرعية الواردة في الكتاب والسنة فالمخاطب فيها هو العقل الحاكم في العرف لا الحاكم في الفلسفة : النظرية والعملية.
وهذا ليس بمعنى الازدراء بالعقل الفلسفي ، بل مع ما نكنّ له من التبجيل والتكريم فله مجال واسع في باب المعارف والعقائد ، لا الخطابات العرفية التي صدرت لإفهام عامة الناس.
ب : الملاك هو لسان الدليل
إنّ الملاك لإحراز الوحدة أو الكثرة هو ملاحظة لسان الدليل ، مثلاً إذا قال : الماء المتغيّر نجس ، فإذا زال تغيّره يرتفع موضوع الدليل ، بخلاف ما إذا
__________________
١. الفرائد : ٤٠١ ، ط رحمة الله.