يكون دائماً مشروطاً بوجود الحكم ولايمكن أن يدل قوله « الحكم مستمر كلّ زمان » على وجود الحكم مع الشكّ فيه.
وهذا نظير قوله تعالى : ( أَوفوا بالعقود ) (١) إذا كان معناه « يجب الوفاء بالعقود والوجوب مستمر في كلّ زمان » فإذا خرج زمان العلم بالغبن وشكّ في حكم العام ، فلايصح التمسك ، لأنّ الحكم بالاستمرار فرع إحراز الموضوع وهو الحكم مع أنّه مشكوك فلايستدل بالمحمول « مستمر في كلّ زمان » على وجود الموضوع أي « وجوب الوفاء ». (٢)
يلاحظ عليه بوجهين :
أوّلاً : انّ ما ذكره من التفريق بين الصورتين تقسيم عقلي ، لايلتفت إليه العرف ، فهو يتلقّى الزمان قيداً ، للمتعلّق وواقعاً تحت دائرة الحكم ، لامحمولاً على الحكم وواقعاً فوق دائرة الحكم ، فلو كان قوله سبحانه ( أَوفُوا بِالعُقُود ) متضمناً لعموم زماني فهو من قيود المتعلّق أي الوفاء ، لا انّه محمول على الوجوب حتى يكون معنى الآية : الوفاء بالعقد واجب وحكمي بالوجوب ثابت في كلّ زمان.
وثانياً : سلمنا انّ مصب العموم الزماني هو الحكم والعموم الزماني محمول عليه ، لكن قوله : انّ الشك يرجع إلى وجود الموضوع ( الحكم ) ، ومع الشكّ فيه لايثمر العموم الزماني ، لأنّه لايثبت موضوعه ، منظور فيه ، لأنّ الموضوع ( الحكم ) إمّا أن يكون الطبيعة السارية ، أي الحكم في كلّ الأحوال ، أو الطبيعة المهملة ( الحكم في الجملة ) ، والأوّل يستلزم أخذ الاستمرار في جانب الموضوع فيكون حمل مستمر عليه ، مستلزماً للتكرار ويرجع إلى كون القضية من قبيل الضرورة بشرط المحمول.
____________
١. المائدة : ١.
٢. فوائد الأُصول : ٤ / ٥٣١ ـ ٥٤٠ بتلخيص.