الحكم وارداً على العموم الزماني ، فيكون العموم تحت دائرة الحكم ، وبين كون مصبِّه نفس الحكم بحيث كان العموم الزماني محمولاً على الحكم وواقعاً فوق دائرة الحكم ، فالأوّل مجرى التمسّك بالعام ، والثاني مجرى التمسّك بالاستصحاب.
أمّا الأوّل : فكما إذا قال : لاتشرب الخمر أبداً ، وصم إلى الليل ، فإذا خرج حال الضرورة والمرض وشكّ بعد ارتفاعهما في جواز الشرب ، فيتمسك بعموم الدليل ، ولاتصل النوبة إلى استصحاب حكم المخصِّص.
ومثله قوله سبحانه : ( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّى شِئْتُمْ ) (١) خرجت عنه أيام العادة ، فإذا شكّ في خروج غير تلك الفترة فالمحكم هو عموم العام.
وذلك هو أنّ الدليل الاجتهادي قد تكفّل لبيان حكم كلّ زمان من أزمنة ظرف وجود متعلّق الحكم فقوله : « أكرم العلماء في كلّ يوم » دليل على وجوب إكرام كلّ فرد من أفراد العلماء في كلّ يوم من أيّام السنة أو الشهر ، فكان لكلّ يوم حكمٌ يخصّه لاربط له باليوم السابق أو اللاحق.
وأمّا الثاني : أي إذا كان مصبُّ العموم الزماني نفسَ الحكم ، فلامجال للتمسّك فيه بالعموم إذا شكّ في مقدار التخصيص ، بل لابدّ من الرجوع إلى الاستصحاب ، كما إذا قال : شرب الخمر حرام والحرمة مستمرّة في كل آن آن ، وشككنا في بقاء التحريم بعد ارتفاع زمان المرض ، والسر في ذلك لأنّ الشكّ في مقدار التخصيص يرجع إلى الشكّ في الحكم ، وقد تقدّم أنّ الحكم يكون بمنزلة الموضوع للعموم الزماني ولايمكن أن يتكفّل العموم الزماني وجود الحكم ( الحرمة ) مع الشك فيه ، لأنّه يكون من قبيل إثبات الموضوع بالحكم ، فانّ العموم الزماني
__________________
١. البقرة : ٢٢٣.