مأخوذ من نفس الشرع كقوله عليهالسلام : « إذا شككت ودخلت في غيره فشكّك ليس بشيء » ، أو حكم شرعي منتزع من الأحكام الشرعية الكلية كما في قولنا : « ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده » ، فإنّه حكم شرعي كلّي منتنزع من الحكم بالضمان في أبواب البيع والإجارة والمزارعة والمساقاة ، والدليل على الضمان في هذه الموارد هو قاعدة الإقدام ، أو قاعدة على اليد ، فهذه القاعدة الكلية منتزعة من حكم الشرع في كلّ من هذه الموارد بالضمان.
ومن هنا يعلم أنّ نتيجة المسألة الأُصولية ـ بعد التطبيق ـ لاتكون حكماً شرعياً بل تكون حكماً جزئياً من سنخ المسألة الأُصولية كقولنا : هذا قول الثقة ، وقول الثقة حجّة ، فينتج هذا حجّة.
بخلاف القاعدة الفقهية فانّ نتيجتها تكون حكماً شرعياً ، كقولنا : هذا مشكوك الطهارة ، وكلّ مشكوك الطهارة طاهر ، فينتج هذا طاهر.
٢. انّ إعمال المسألة الأُصولية من قبيل الاستنباط ، بخلاف القاعدة الفقهية فانّ إعمالها من قبيل التطبيق ، والفرق بين الاستنباط والتطبيق واضح ، وهو أنّ الأوّل يكشف عن حكم شرعي مجهول لم يكن معلوماً له قبل الإعمال ، لا إجمالاً ولا تفصيلاً ، بخلاف الثاني فليس فيه كشف عن حكم شرعي مجهول غير معلوم ، بل تبديل للعلم الإجمالي إلى التفصيلي ، ولنذكر مثالاً :
قول الثقة حجّة مطلقاً ، مسألة أُصولية ، فإذا طبّق على مورده ، يقف الإنسان على حكم شرعي لم يكن معلوماً لا إجمالاً ولا تفصيلاً وهو وجوب السورة في الصلاة ، أو حرمة ذبيحة الكافر الكتابي ، إذ ليس الحكمان مندرجين في الكبرى الأُصولية « قول الثقة حجّة » لا إجمالاً ولا تفصيلاً بخلاف القاعدة الفقهية ، أعني : كلّ شيء طاهر ، فقد كان العلم بطهارة الثوب المشكوك مندرجاً فيه إجمالاً