وببيت خنساء :
لظلّت الشمّ منها وهي تنصار
يعني بالشمّ الجبال. وقوله : تنصار أي تتصدّع وتتفرّق (١).
وببيت أبي ذؤيب :
فانصرن من فزع وسدّ فروجه |
|
غبر ضوار وافيان وأجدع (٢) |
قال أبو جعفر : فلقول القائل : صرت الشيء معنيان : أملته وقطّعته. وحكوا سماعا : صرنا به الحكم أي فصلنا به الحكم.
قال : وهذا القول الّذي ذكرناه عن البصريّين أولى بالصواب.
قال : لإجماع جميع أهل التأويل على تفسير الآية ـ سواء قرئت بضمّ الصاد أو كسرها ـ بأحد المعنيين : الإمالة أو التقطيع ، وهو أوضح دليل على صحّة قول البصريّين وخطأ قول الكوفيّين وخطأ تأويلاتهم ، وإنكارهم أن يكون معنى صرهنّ : قطّعهنّ وأنّه غير معروف في كلام العرب.
ثمّ جعل يسرد أحاديث السلف بشأن تفسير الآية بالتقطيع :
[٢ / ٧٥٨٢] أخرج عن أبي كدينة عن عطاء عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس : (فَصُرْهُنَ) قال : هي نبطيّة ، فشقّقهنّ (٣). وفي لفظ ابن أبي حاتم : «هي بالنبطيّة : صرّبه ، يعني قطّعهنّ» (٤).
[٢ / ٧٥٨٣] وأخرج عن شعبة عن أبي حمزة عنه أيضا ، قال في هذه الآية : (فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ
__________________
ـ السنة الرابعة. ظأب التيس : صوته وجلبته وصياحه وصخبه ، وهو أشدّ ما يكون منه عند السفاد. والغريم : الّذي له الدين على المدين ، ويقال للمدين غريم. انظر : هامش تفسير الطبري ، ذيل الآية (٣ : ٧٦).
(١) استشهد ابن منظور بهذا البيت لمعنى الإمالة. قال : صار الشيء صورا وأصاره فأنصار : أماله فمال. ثمّ ذكر البيت شاهدا لهذا المعنى (لسان العرب ٤ : ٤٧٤).
(٢) قوله : فانصرن من فزع ، كذا في الأصول وفيه الشاهد. إلّا أنّ الّذي في الديوان وفي غير موضع من كتب اللغة : فانصاع ، وعليه فلا شاهد في البيت. وهو في وصف ثور وحشيّ طردته ثلاثة من كلاب الصيد موصوفة بأنّها غبر ضوار.
(٣) الطبري ٣ : ٧٨ / ٤٦٨٦. والنبط أو الأنباط : قبائل عربيّة بائدة كانت تجاور البيزنطيين ، وتداخلت لغتهم مع لغة الإفرنج. وقد أبيدوا قبل الميلاد بقرن.
(٤) ابن أبي حاتم ٢ : ٥١٢ / ٢٧١١.