من همّ بحسنة أو سيّئة ولم يعملها
تظاهرت الأخبار عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة الأطهار ، بأنّ الله تعالى لا يؤاخذ العباد على مجرّد النيّات ما لم يقترفوا السيّئات ، فليس مجرّد نيّة السوء ممّا يؤخذ العبد عليها ما لم يرتكب إثما ، فإنّ الجزاء إنّما هو على المعصية ولا عصيان في سوى العمل ، عملا جارحيّا لا جانحيّا (١).
نعم ، إنّ نيّة السوء لدليل على خبث تنطوي عليه سريرته ، وهو انحراف عن الفطرة عارض يجب معالجته ، والله تعالى ـ كما هو ساتر عليه ـ غافر له ، ما لم يظهر على يديه ، وسيأتي الكلام عنه.
[٢ / ٨٢٢٩] أخرج مسلم عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من همّ بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة ، ومن همّ بحسنة فعملها كتبت له عشرا إلى سبعمائة ضعف. ومن همّ بسيّئة فلم يعملها لم تكتب ، وإن عملها كتبت» (٢).
[٢ / ٨٢٣٠] وأيضا عنه عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «قال الله : إذا همّ عبدي بحسنة ولم يعملها كتبتها له حسنة ، فإن عملها كتبتها له عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف ، وإذا همّ بسيّئة فلم يعملها لم أكتبها عليه ، فإن عملها كتبتها سيّئة واحدة».
[٢ / ٨٢٣١] وكذا عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم «قال الله : إذا همّ عبدي بسيّئة فلا تكتبوها عليه ، فإن عملها فاكتبوها سيّئة ، وإذا همّ بحسنة فلم يعملها فاكتبوها حسنة ، فإن عملها فاكتبوها عشرا» (٣).
[٢ / ٨٢٣٢] وكذا عنه ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «قال الله ـ عزوجل ـ إذا تحدّث عبدي بأن يعمل حسنة فأنا أكتبها له حسنة ما لم يعمل ، فإذا عملها فأنا أكتبها بعشر أمثالها. وإذا تحدّث بأن يعمل سيّئة فأنا أغفرها له ما لم يعملها ، فإذا عملها فأنا أكتبها له بمثلها. ثمّ قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : قالت الملائكة : ربّ ، ذاك عبدك يريد أن يعمل سيّئة ـ وهو أبصر به ـ فقال : ارقبوه ، فإن عملها فاكتبوها له بمثلها ، وإن تركها فاكتبوها له حسنة ، إنّما تركها من جرّاي! قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إذا أحسن أحدكم إسلامه ، فكلّ حسنة يعملها تكتب بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، وكلّ سيّئة يعملها تكتب بمثلها
__________________
(١) الجارحة ، جمعها الجوارح ، وهي الأعضاء الظاهرة. والجانحة جمعها الجوانح ، وهي الضّلوع والأعضاء الداخليّة.
(٢) مسلم ١ : ٨٢ ـ ٨٣ ، كتاب الإيمان.
(٣) مسلم ١ : ٨٢ ، كتاب الإيمان ؛ ابن كثير ١ : ٣٤٧.