الكسر ـ من المقلوب ، وذلك أن تكون لام فعله جعلت مكان عينه ، وعينه مكان لامه ، فيكون من صرى يصري صريا ، فإنّ العرب تقول : بات يصري في حوضه ، إذا استقى ثمّ قطع واستقى. ومن ذلك قول الشاعر :
صرت نظرة لو صادفت جوز دارع |
|
غدا والعواصي من دم الجوف تنعر |
صرت : قطعت نظرة. ومنه قول الآخر :
يقولون إنّ الشأم يقتل أهله |
|
فمن لي إذا لم آته بخلود؟ |
تعرّب آبائي فهلّا صراهم |
|
من الموت أن لم يذهبوا وجدودي؟ |
قال : وأمّا نحويّو البصرة فإنّهم قالوا : «فصرهنّ إليك» سواء معناه ، إذا قرئ بالضمّ أو بالكسر ، وهو معنى التقطيع ، واستشهدوا ببيت توبة بن الحمير ، وقد مرّ.
وببيت المعلّى بن حمّاد العبدي :
وجاءت خلعة دهس صفايا |
|
يصور عنوقها أحوى زنيم |
بمعنى : يفرّق عنوقها ويقطعها (١).
__________________
(١) وقد مرّ في كلام الزجّاج تفسير يصور في البيت بمعنى يعطف عنوقها ، راجع : لسان العرب ٤ : ٤٧٤ ؛ واعلم أنّه اختلف في روايته. فنسبه أكثرهم للمعلّى بن جمّال أو حمّال العبدي كما في اللسان (دهس وزنم) ونسبه بعضهم برواية أخرى لأوس بن حجر كما في اللسان (ظأب وظاب وصوع وعنق) وروي البيت منسوبا لأوس بن حجر هكذا :
يصوع عنوقها أحوى زنيم |
|
له ظأب كما صخب العزيم |
ورواه في اللسان (صور ودهس وزنم) كما هنا. ورواه في (خلع): «وكانت خلعة دهسا صفايا» ورواه في (زنم) مع بيت آخر :
وجاءت خلعة دهس صفايا |
|
يصوع عنوقها أحوى زنيم |
يفرّق بينها صدع رباع |
|
له ظأب كما صخب الغريم |
ويتبيّن من هذه الرواية أنّ الرواية الّتي نسبت لأوس بن حجر ملفّقة من هذين البيتين. والخلعة : خيار المال. والدهس :
جمع دهساء ، وهي من المعزى السوداء المشربة حمرة لا تغلو. وقوله : «يصوع» رواية أخرى في موضع «يصور» بمعنى يفرّق. وعنوق : جمع عناق ، وهي أنثى المعز. والأحوى : الّذي تضرب حمرته إلى السواد ، يعني تيس المعز ، ويعني أنّه كريم. والزنيم : الّذي له زنمتان في حلقه. والصدع : الفتى الشاب المدهج الخلق الصلب القويّ. ورباع : أي دخل في